كتابات وآراء


الخميس - 04 يونيو 2020 - الساعة 10:10 م

كُتب بواسطة : هادي علي زين - ارشيف الكاتب


ان الظروف القاهره تجمع الرجال الاوفياء وتجعل منهم حائط صد منيع وجلمود لا تستطيع أي قوة ان تقهره وتعزز روابط الثقة والإيمان بالقضية التي تجمعهم من أجل تحقيق النصر والتغلب على من يتلذذ بقهرهم.

تلك المعاناة التي أنجبت الحراك الجنوبي بعد تجمع هؤلاء الرجال الصناديد الذين تجاوزوا كل الخلافات فيما بينهم نتيجة لنزاعات وتناقضات سابقة فيما بينهم بعد ان تم التصالح والتسامح واشهاره جماهيريا وبه التف حولهم كل من يعاني أو عانى من انتكاسة الوحدة بعد حرب ١٩٩٤م، وبهذه الظروف وهذه الخطوات انطلق الحراك الجنوبي السلمي يحمل قضية واحدة وهدف واحد وكان الجميع على إيمان وثبات لا يلين مما ارعب نظام صالح وبطانته ولفيف المنتفعين والفاسدين من هذا المارد القادم.

ومثلما جمعت الظروف القاهره الرجال الاوفياء جمع ميلاد الحراك الجنوبي القوى التي توالي او تنتفع من نظام صالح لتشكل قوة صد إلى جانب النظام بكل أجهزته القمعية وخلافها، وشرعت تعمل على افراغ الحراك من مضمونه من خلال تفكيك وحدته التي كانت تمثل القوة التي تميزه وتعطيه القدرة على فرض مطالبه وتغلب النظام على الحراك وحدث ما حدث ولا زالت آثاره السلبية مستمرة إلى اليوم.

لكن الحراك استمر ولم يمت وانما تشتت وضعف دوره في تحقيق أهدافه بسبب التشظي الذي وصل إليه بفعل فاعل ونزوات أفراد ومطامع ثانوية وإثارة النعرات المناطقية ولا زال الحراك مستمرا شكلا ولكن هيكله الداخلي مفكك.

واتى الربيع العربي مستنهضا المستضعفين للنهوض وكان الحراك الجنوبي قد سبقهم لأعوام، وأصبحت له قامة مناصبهم بروح جماهيرية شعبوية ولكن كان يفتقد للقيادة الموحدة والرؤية الثابتة بسبب كثرة المكونات التى جميعها تدعي ان المليونيات التي تقام بسب مناصريها ليس الا.

واشتعلت الحرب في صنعاء التي لا تزال مستمرة بعد حوار فضفاض سيرته السلطة والدول الداعمة وشارك فيه بعض من مكونات الحراك والعناصر المستقلة لإثبات وإشهار القضية الجنوبية للرأي العام العالمي وقد نجحوا بالرغم من معارضة جزء كبير من مكونات الحراك.

وتوسعت رقعة الحرب التي اصبحت تنتهج نهجا طائفيا إلى أن سيطرت قواهم بمساندة أعوان صالح على مدينة عدن، وبهذا العدوان توحد الرجال مرة ثانية بعد تشتتهم في الكفاح السلمي ووقف إلى جانبهم خيرة الناس من الجنوب عامة حتى حققوا النصر وحرروا عدن وبعدها تم تحرير اغلب أراضي الجنوب.

لم تكن الحرب بين متناقضين فلقد اتسمت بصفات كثيرة كلا يصفها حسب الهدف الذي يقاتل من أجله، نحن الجنوبيين اسميناها التحرير من الغزو الثاني للجنوب الذي يقوده جحافل أنصار الله وشراذم صالح، ويسمونها هم حرب تثبيت الوحدة، وتسميها السلطة الشرعية والتحالف العربي الذي لجأت إليه حرب لاعادة السلطة الشرعية إلى صنعاء.

اليوم تحرر الجنوب بفضل التفاف الاوفياء من أبناءه وبدعم ومساندة من دول التحالف العربي واصبحنا قاب قوسين أو أدنى من استعادة دولة الجنوب بحدود عام ١٩٩٠م كاملة السيادة.

وسيطر انصار الله على الجزء الشمالي من الجمهورية اليمنية، واصبحت الوحدة اليمنية في حكم المنتهي على الأرض والواقع بينما لم يتبقى من شرعية دولة الوحدة سوى شلة من العناصر فاقدة الإرادة والقوة والحق والتواجد على أرض الدولة التي ينتمون إليها.

وبسبب تلك الشلة التي تنتمي غالبيتها إلى حزب الإصلاح (الاخوان المسلمين في اليمن) الذي يمثل زوال الشرعية زوالا له وبحكم بنيته الفكرية والعقائدية وعدائه المزمن للجنوب، قام حزب الإصلاح بتوجيه ما تبقى من عناصره وعتاده الذي تحت إمرتهم باتجاه الجنوب تحت حجج واهية، أما الهدف الرئيسي فهو حلم لديهم يصعب تحقيقه في أرض اسمها الجنوب العربي.

وبهذه الأوقات العصيبة نقول لكل الأوفياء توحدوا مثلما فعلتموها في المرات السابقات، ولكن لا تفرقوا بل تشاوروا فالأرض للجميع ومستقبلها لن يزدهر إلا بكم جميعا والجنوب ليس زيد أو عمر، ولن يكون كذلك ولا يوجد وصي عليه إذا ما احسنتوا اختيار الطريق وأسلوب التعامل فيما بينكم ومع العالم الخارجي.