كتابات وآراء


الثلاثاء - 09 يوليه 2019 - الساعة 11:46 م

كُتب بواسطة : ياسر اليافعي - ارشيف الكاتب


تتهدد اليمن مخاطر جديدة وعديدة لا تقل عن مخاطر انقلاب الحوثي على الشرعية في العام 2014، ولا عن الأخطاء الكارثية لنظام علي عبدالله صالح وتأسيس جيش عائلي ذاب واختفى بلمح البصر اثناء اجتياح مليشيا الحوثي للعاصمة اليمنية صنعاء وتنفيذ انقلابها.

هذا الخطر يتمثل في استغلال حزب الإصلاح، الشرعية ونفوذه فيها لتشكيل جيش عقائدي حزبي ولائه للحزب والجماعة وليس للوطن، ولذلك مخاطر كبرى ليس فقط على مستقبل اليمن ولكن على مستقبل المنطقة برمتها وما حدث من فشل جيش علي عبدالله صالح خير دليل اذ انعكس على المنطقة كلها، وتكرار الخطأ سيشكل كارثة على الجميع، في وقت يأمل المواطن اليمني ان يرى جيش وطني حقيقي يعبر عن إرادة الشعب.

استغل حزب الإصلاح تدخل التحالف العربي لردع مليشيا الحوثي الإيرانية، وكذلك توغله في الشرعية وضعف الرئيس هادي، ورغبة الناس في التخلص من الانقلاب الحوثي، استغل كل ذلك لتشكيل الوية عسكرية ولائها للحزب وجماعة الاخوان، مستفيداً من التسليح العسكري والدعم الإعلامي لهذه القوات من قبل قوات التحالف العربي، التي تم ايهامها ان هذا الجيش قادر ان يحرر صنعاء خلال اشهر فقط.

رفض حزب الإصلاح خوض معارك حقيقة في محيط صنعاء، وتحرير ما تبقى من مأرب، وظل يبتز دول التحالف اعلامياً وسياسياً بهدف المزيد من التسليح والدعم، وهو ما حدث فعلاً، من خلال مناورات الحزب الإعلامية عن تحريك جبهات نهم، وتحرير صرواح ومناطق واسعة في الجوف.

اثبتت الأيام ان الإصلاح غير جاد في تحرير العاصمة اليمنية صنعاء، ولا حتى ما تبقى من مناطق في مأرب، وكل هدفه هو الاحتفاظ بقواته للوقت المناسب واللحظة المناسبة وانهاك جميع الأطراف الأخرى مثل الحوثيين وقوات المجلس الانتقالي وحتى استنزاف التحالف العربي، ليبقى هو القوة الأكثر تأثيراً في الساحة.

تمكن الإصلاح من بناء جيش ولائه للحزب، وظهر ذلك جلياً في معارك تعز ضد السلفيين الذين كان لهم الدور الأكبر في تحرير المدينة، سخر الحزب أدوات الدولة وجيشها وشرطتها العسكرية وامنها لتصفية جماعة أبو العباس وطردها من تعز، تحت مسمى تثبيت الأمن تحت غطاء اعلام الشرعية الذي سيطر عليه لتدليس الحقيقة على المواطن.

لم يختلف الأمر في مأرب مركز القيادة للحزب، حيث استخدم الحزب مرة أخرى أدوات الدولة لقمع قبائل مأرب واذلالها حتى لا تفكر مرة أخرى في التعرض له وخاصة من مأرب التي تعد المعقل الأخير لجماعة الاخوان على مستوى المنطقة.

جنوباً ايضاً استخدم الحزب أدوات الدولة المدنية من خلال اصدار القرارات للسيطرة على هذه المحافظات، لكن الرفض الشعبي ووجود المجلس الانتقالي وقواته افشل حلم الحزب في العودة الى الجنوب مرة أخرى.

تمكن حزب الإصلاح من تشكيل الوية عسكرية، والحصول على ترسانة عسكرية ضخمة، لم تستخدم في المعارك، يظل خطراً كبيراً لا يهدد اليمن فقط بل والمنطقة برمتها في ظل صراع المشاريع الدائر في المنطقة.

ان بقاء الوية عسكرية تخضع للحزب ينذر بخطر عودة الفوضى الى المناطق المحررة وبالتالي نسف ما تحقق من إنجازات في مكافحة الإرهاب، وهو ما يعني تهديد خطير لأمن المنطقة والعالم.

ومن المخاطر الكبرى ان بقاء هذا السلاح والقوات الضخمة بيد الإصلاح تحت مسمى "الجيش الوطني" وفي ظل التقارب الواضح والعلني مع مليشيا الحوثي والحرب الإعلامية التي دشنها الحزب ضد التحالف العربي ينذر باستخدام هذه الأسلحة ضد قوات التحالف العربي لصالح الحوثي، وما مؤشرات الحرب الإعلامية التي يدعمها ويغذيها الحزب الا خير دليل على تحولات قادمة خطيرة جداً.

ما يزيد من هذه الخطورة هو استخدام أدوات الدولة من السيطرة على وسائل الاعلام الرسمية، وإصدار قرارات رفيعة بينها تعيين قيادات الوية ومحافظين وتسخير كل ذلك لصالح الحزب يجعل من ما يسمى الجيش الوطني قنبلة تنفجر في وجه الجميع في أي لحظة.

علما ان جميع المحافظات الجنوبية ومناطق الساحل الغربي المحررة لم يشارك في تحريرها ما يسمى الجيش الوطني التابع لحزب الإصلاح، وكذلك الحرب على الإرهاب لم يشارك فيها اطلاقاً وظلت مناطق سيطرته وكر لهذه التنظيمات سواء في وادي حضرموت او مأرب او البيضاء.

واخيراً على الاخوة في دول التحالف العربي تدارك الموقف قبل حلول الكارثة، وعلى الرئيس هادي ايضاً ان يصحى من نومه، قبل ان يجد نفسه هو واتباعه ضحايا لهذا الجيش الحزبي، وعلى القوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها ان تعي هذا الخطر وتستعد لأي طارئ.