تحقيقات وحوارات

الجمعة - 29 يونيو 2018 - الساعة 05:43 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن برس / حوار: أيمن أمين

الأطفال أحباب الله وهم نعمة يهبها الله للبشر، قد يكتب الله للطفل أن يخلق سوياً معافى وقد يخلق الطفل مصاباً بمرض ما أو علة، بعض الأسر تستطيع أن تكتشف أي مشاكل صحية قد يعاني منها الطفل منذ صغره ولا تدخر جهداً في علاج فلذة كبدها مهما كانت الظروف .. كثيرة هي الأمراض التي قد تصيب الطفل منذ ولادته منها مرض التوحد..

فما هو مرض التوحد؟

مرض التوحّد يعرف بـ (Autism): هو عبارة عن اضطرابات في التطوّر لدى الأطفال. يظهر مرض التوحّد لدى الأطفال الّذين هم دون سن الثالثة من عمرهم، وهو على الأغلب يظهر في سنّ الرضاعة، تختلف أعراض وخطورة هذا المرض على الأطفال وتختلف من حالة إلى أخرى، لكن يبقى الشيء المشترك هو أنّ حدوث الاضطرابات في التطوّر يؤثّر على قدرة ومدى تفاعل وتأقلم الطفل مع جميع الأشخاص المحيطين به، وهذا يحدّ من تطوير علاقات متبادلة مع من حول الطفل، وتشير الدراسات الحديثة الّتي أجريت حول أطفال التوحد إلى أنّه حتى الآن لا يوجد علاج لمرض التوحّد، لكن يساعد العلاج المبكّر والمكثّف في إحداث تغييرات مجدية على أطفال التوحّد.

في العاصمة عدن، ومنذ حوالي 7 سنوات كانت هناك جهود فردية لبعض الأسر التي يعاني أحد أطفالها من مرض التوحد، فسعوا لعلاجهم وتطوير مهاراتهم في الاتصال والتواصل مع محيطهم وبصورة بسيطة سلسة تضمن اندماجهم في المجتمع.

حول مرض التوحد وكيف بدأت الجهود الفردية تؤتي ثمارها، وماهي الصعوبات المعوقات التي واجهت هذه الجهود، أجرى محرر "عدن برس" الإخباري الإلكتروني، حواراً مع رئيسة جمعية أطفال التوحد في عدن المهندسة عبير اليوسفي، في داخل أروقة جمعية عدن لأطفال التوحد.

- في البدء نحن سعداء جداً بلقاءك أستاذة عبير اليوسفي رئيسة جمعية أطفال التوحد في عدن، لاستضافتنا وفخرنا كبير بك لأنك استطعتي أن تخطي الخطوات الصحيحة الأولى للوقوف ومساندة أطفال التوحد في عدن، واسمحي لنا أن نبدأ معك بتعريف لمرض التوحد إن صح تعبير مرض على (( التوحد ))؟

سعيدة جداً بوجود محرر "عدن برس" معنا في الجمعية، ورداً على سؤالك: اجتمعت الآراء على أن التوحد ليس مرض، وإنما هو مجموعة من الاضطرابات الحسية النمائية التطورية تظهر خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل ومعدل إصابة الذكور إلى الإناث يكون 4 ذكور مقابل أنثى، وتترجم تلك الاضطرابات إلى سلوكيات نمطية واضطرابات حسية شديدة مما يؤدي إلى اختلاف وتباين في كل طفل توحدي عن الآخر بمعنى أنه لا نطبق خطة علاجية لأي طفل مع الآخر.

- أتذكر تماماً منذ أعوام كانت بداية مشوارك مع التوحد من خلال فصل دراسي استوعب مجموعة بسيطة من أطفال التوحد، أطلعينا على كافة تفاصيل البداية؟

نعم كنا ست عائلات لدينا ستة أطفال توحديين، سعينا إلى أن نؤسس لأطفالنا كيان خاص بهم وسط مجتمع لا يدرك معنى جملة (اضطرابات طيف التوحد)، ثم ومن خلال جهود مضنية استطعنا أن ننال ثقة السلطة المحلية بمقر خاص للجمعية، بعد أن كنت قد حولت منزل العائلة إلى مقر خاص بالجمعية، ومن خلالكم أوجه كل الشكر والمحبة إلى عائلتي التي احتضنتني وطفلتي ولم تدخر جهداً بتقديم سبل الدعم لي إلى يومنا هذا.

- مقركم الحالي للجمعية في مديرية خورمكسر، مع العلم أن هناك بالتأكيد عقبات صادفتكم لإخراج الجمعية إلى حيز الوجود .. هل بالإمكان ذكرها لنا؟

نعم كما أسلفت، سلمت لنا السلطة المحلية في 23 مارس من العام 2014 المقر الحالي بعد عدة متابعات وجهود، وأخص بالشكر أستاذنا العزيز معالي وزير الشباب والرياضة حالياً عندما كان حينها وكيل محافظة عدن نايف البكري، ومدير عام مديرية خورمكسر رئيس المجلس المحلي آنذاك أحمد حامد لملس وأمين عام المجلس المحلي بمديرية خورمكسر آنذاك ووكيل وزارة الإدارة المحلية الحالي عوض مشبح، هؤلاء جميعهم سارعوا لتلبية نداء أطفال التوحد وعملوا على توفير المقر لنا، وقمنا نحن في الجمعية باستصلاح وتأهيل بعض الصفوف إلى أن جاءت حرب 2015 الغادرة، وبعدها قامت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بتأهيل وتأثيث الجمعية وبهذه المكرمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك استطاعت الجمعية أن تستأنف برامجها العلاجية والتأهيلية وتم ترجمتها إلى زيادة الطاقة التشغيلية للجمعية إلى أضعاف ما كانت عليه، حيث أصبح عدد العاملين 44 عاملاً وعاملة وعدد المستفيدين من الأطفال إلى 155 طفلاً وطفلة من بينهم أطفال من بعض المحافظات مثل أبين - لحج - شبوة.

- يقال (بالنار يزداد الذهب بريقاً)، هل ينطبق هذا القول على مجهودكم في الجمعية رغم العراقيل التي صادفتكم؟

نعم الجهود لا زالت تبذل في كل يوم هناك برامج جديدة تظهر دولياً لتأهيل الأطفال يتخللها برامج لتقوية النطق والتخاطب تنفذ مع كل الأطياف من الأطفال وبرامج أخرى للتعامل مع غير الناطقين، وأخرى لزيادة التحصيل العلمي للقادرين على التعلم ودمجهم، كل هذا العمل لم يكن سهلاً وسط مجتمع يحتاج إلى العديد من البرامج التوعوية لاستيعاب هذه الشريحة النادرة من الأطفال من ذوي القدرات الخاصة .. مما يؤدي إلى زيادة التحدي ورفع سقف الطموح للوصول بهم إلى أقصى ما نستطيع رغم الامكانيات البسيطة وظروف بلادنا الحبيبة، ولكن يحركني هدف، فأنا أم لطفلة توحدية، وأسعى إلى حفر مستقبل لها ولأمثالها من الأطفال.

- علمنا أستاذة عبير، أنك بذلتي جهوداً مضنية لتلقي التدريب اللازم للتعامل مع أطفال التوحد وكذا حضرتي دورات متعددة خارج اليمن، حول هذا الموضوع، كيف تجدين ما تلقيتي من تدريب ودراسة وتطبيقه على أرض الواقع؟

أخذت دورتين فقط أثناء توجداي في العاصمة الأردنية عمّان لتشخيص ابنتي في العام 2011، وعدت بعدها إلى عدن وقمت بتأسيس الجمعية، وما تلقيت بعدها من دورات  اما داخلية أو عبر التواصل من خلال الانترنت، فقد استطعت من خلال هذه الخبرة البسيطة وبمرافقة جهود الخيرين من بعض أولياء الأمور والمؤمنين بنا وبأطفالنا استطعنا جميعاً أن نؤسس هذا الكيان المتكامل بجميع أقسامه، فحالياً الجمعية هي أقرب إلى مركز متطور متعدد الأقسام يقدم خدمات تأهيلية وتدريبية وتعليمية باستخدام أحدث البرامج الدولية، بالإضافة إلى خدمات إرشادية وأسرية وتواصل عن بُعد لأطفال المحافظات ..الخ.

- قبل فترة ليست بالبعيدة قمتم برحلة ميدانية لأطفال جمعية التوحد وكانت إلى البحر، مثل هذه الأنشطة ما هي أبرز نتائجها على أطفال التوحد؟

هذا نشاط أسبوعي نحن نسعى دائماً إلى تنفيذه مع أطفالنا بتقسيمهم إلى مجموعات وزيارة البحر وغيرها من الأنشطة الأسبوعية التي تؤدى داخلياً في حوش الجمعية أو غرفة الأنشطة، هذا النشاط مهم بالنسبة لتحقيق عملية التآزر الحسي الحركي لتقوية تنمية الأعصاب الحسية للأطفال من خلال التعامل مع الماء - والرمل، وكذا التآزر البصري الحركي باللعب ومتابعة موج البحر، كما رأيتم من خلال الفيديو المبين على صفحة الجمعية في الفيس بوك .. ومن خلالكم أحب أن أشير إلى أننا وخلال هذا العام سيتم افتتاح قسم التكامل الحسي الجديد في الجمعية الذي نسعى بإذن الله أن نحقق من خلاله النجاح ومساعدة الأطفال على تقوية التآزر الحسي - البصري - الحركي - اللمس ..حيث أن العلاج الحسي يجب أن يكون بالتوازي مع الخطط التربوية الفردية في تنمية مهارات أطفال التوحد، وهذا ما كان أطفالنا محرومين منه في السابق.

- هل هناك من داعم للجمعية وأنشطتها مثلاً مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل أو جهة أخرى؟

لا .. لا يوجد للأسف، كان مكتب الشؤون الاجتماعية يدعمنا بمبلغ مئة ألف ريال (سنوياً) إلى ما قبل حرب 2015، ولم نعد نستلم أية مبالغ، وليس لنا أية ميزانية تشغيلية إلى حد الآن، بالرغم من اننا جمعية نشيطة ومحترمة وعدد المستفيدين فيها من الخدمات في تزايد مستمر.. باختصار ما زلنا نبحث عن الميزانية التشغيلية إلى الآن، والجمعية قائمة بمساهمات مجتمعية من أولياء أمور الأطفال، ينم تسليمها على هيئة رسوم شهرية يتم عمل بحث اجتماعي أثناء التسجيل لدراسة حالة أسرة الطفل وإجراء إعفاء الأسرة أو إجراء الخصم اللازم لهم من الرسوم، والرسوم تذهب رواتب للعاملين وتلبية احتياجات الجمعية الملحة، ونحن نناشد المسؤولين وعلى رأسهم وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل معالي الدكتورة ابتهاج الكمال، بالنظر بعين الرأفة لأطفال التوحد وأسرهم والتخفيف من معاناتهم، من خلال اعتماد الميزانية التشغيلية اللازمة للجمعية والتي ستخفف على الأسر عبئ دفع رسوم الأطفال وسط صعوبة وغلاء المعيشة والظروف الحالية التي نمر بها.

- هل بالإمكان أن توجزي لنا أهم الطموحات التي تتمنون تحقيقها في الجمعية في المستقبل القريب؟

أتمنى أن يتم اعتماد مبنى أكبر لنا وإسناد الجمعية بمركز لأطفال التوحد، وأتمنى تأهيل الكادر الحالي والقائمين على الجمعية من رؤساء الأقسام وجميعهم من خريجي علم اجتماع أو علم نفس بدورات تأهيلية خارجية للاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال، كما أناشد وأتمنى وأطمح أن يتم صرف الميزانية التشغيلية للجمعية لتخفيف المعاناة عن كاهل الأسر ومساعدة الأطفال على إيجاد بيئة صحية نستطيع من خلالها العمل مع الطفل بهدوء حيث لا يكون عبئ على كاهل أسرته من خلال استقطاع مبلغ شهري (اثنا عشر ألف ريال 12000) ليدفعوا به ثمن تأهيله.

- كلمة أخيرة أستاذة عبير اليوسيفي رئيسة جمعية أطفال عدن للتوحد، لمن توجهيها؟

أشكرك جداً، وأرجو منك توصيل صوت أطفال التوحد إلى المسؤولين للإسراع بصرف ما نستحق من ميزانية تشغيلية والتعاقد مع العاملين في الجمعية أسوة ببقية الجمعيات المتواجدات في الساحة.

كما أشكر كل من دعم الجمعية من ذوي الأيادي البيضاء والسلطة المحلية، ومن لبى نداء أطفال التوحد والذي توج هذه السنة بدمج 12 طفلاً توحدي في التعليم العام، وعقد مؤتمر عدن الأول لاضطرابات طيف التوحد، وإعادة تأهيل الجمعية وافتتاح قسمها الجديد من جانب هيئة الهلال الأحمر الإماراتي .. نحن جمعية مؤلفة من أولياء أمور لأطفال مصابين باضطرابات توحدية عنيفة ونسعى لإيجاد سبل الدعم لأطفالنا ونرحب ونشكر كل من مد إلينا يد المساعدة .. وشكراً للجميع.