تحقيقات وحوارات

الأربعاء - 03 أكتوبر 2018 - الساعة 05:17 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن برس / تقرير خاص

قبل أسابيع قليلة تم الإعلان رسمياً عن بدء العام الدراسي الجديد 2018 في تاريخ 9 سبتمبر الماضي، ولكن هذا الإعلان نزل كالصاعقة على بعض المواطنين الذين طحنتهم رحى الوضع الاقتصادي السيئ جدا في ظل انهيار سعر الصرف وارتفاع أسعار كل المواد الغذائية والاستهلاكية ولوازم الحياة البسيطة في عدن وباقي المحافظات المحررة التي تخضع لحكومة الشرعية.

كما يُصادف بدء العام الدراسي الجديد مع ثورة الجياع ضد فساد الحكومة المستمر وتدهور وضع البلد اقتصادياً مما ينذر حقاً بانهيار تام للحياة في البلاد وبدء عصر مجاعة لم تشهدها اليمن منذ قرون - أزارق الضالع - .

وكل هذا التدهور انعكس حتى على التعليم حيث شهدت مستلزمات الدراسة ارتفاعاً وصل إلى الضعف في الأسعار مما يجعل كل أسرة تفكر مليون مرة قبل أن تقبل على شراء المستلزمات الدراسية لأطفالها أو قد تقرر فعلاً أسرة ما عدم إرسال أولادها إلى المدارس هذا العام، وهذا بالتالي يعني بدء عصر الجهل والظلمة الفكرية من جديد.

وقمنا باستطلاع رأي الشارع حول الاستعداد للعام الدراسي وما يرافقه من صعوبات فكانت هذه آراء المواطنين، البداية التقينا الأخت أم محمد خضر وهي ربة بيت وقالت لنا: حسبنا الله ونعم الوكيل في من كان السبب .. الدفتر أبو مئة ورقة قده ب 500 ريال، إلى أين نحن ذاهبون، حتى الباعة المتجولين الذين يبيعون الحقائب المدرسية وكانت أسعارهم رخيصة أصبحت الآن نار، كون سعر الحقيبة الواحدة بات من 5000 ريال، وتساءلت قائلة: لدي ثلاثة أطفال كيف أفعل ووالدهم من جرحى الحرب ومجعجعين باستلام حقوقهم المالية، وهل أطفالنا يجلسون بدون علم وبدون الالتحاق بالدراسة.

ومن جانبه الشاب محمد ناجي وهو أحد الطلاب في جامعة عدن تحدث إلينا فقال: أولاً وقبل ما نتحدث عن الأسعار، دعنا نتحدث عن ما حدث خلال الأيام الماضية، طبعاً كل أهل عدن عايشين وسط ارتفاع سعر صرف العملة وتدهور الريال، ولهذا قبل كم يوم كان في عصيان مدني، وقرأت خبراً مضحكاً لوزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله لملس، لأنه كان يدعو الطلاب لبدء العام الدراسي الجديد وأهمية التعليم وعدم السماح لضعفاء النفوس أن يوقفوا التعليم بحجة العصيان المدني، وهنا أود القول للوزير لملس، عند حديثك عن أهمية التعليم، هل قمتم بطباعة الكتب مدرسية للعام الجديد؟ وهل تشعرون بالمواطن الغير قادر على شراء الزي المدرسي لأولاده للعام الدراسي الجديد؟ هل تعرفوا كم يبلغ سعر الدفاتر حالياً؟ طبعاً لا ولا يعرف حاجة هو متنعم والناس عادي تموت، وتابع قائلاً: ياحكومة اتقوا الله بالشعب الصابر على فسادكم قبل ما يثور عليكم ويطردكم حتى من قصر الرئاسة في معاشيق بالعاصمة عدن.

كما استطلعنا رأي أحد الطلاب في التعليم الأساسي واستوقفنا الشاب محمد عوض وقال: حيث من المفروض أن يستعد لبدء دراسة الصف التاسع وهي مرحلة انتقالية إلى الثانوية، وقال لنا: أنا والله ما اشتريت حاجة هذه السنة غير الدفاتر بس، ملابسي حق السنة الماضية سألبسها هذه السنة ولن أذهب إلى المدرسة بحذاء لأن سعر الحذاء نوع الشراع 6 آلاف ريال، ويالله بالكاد تدوم معي حوالي شهرين فقط، فقررت الذهاب بـ "صندل"، والدفاتر أسعارها غالية هذه السنة أكثر من السنة الماضية، والدفتر أبو أربعين ورقة سعر يصل إلى 200 ريال.

وأيضاً التقينا إحدى الفتيات من نفس المستوى الدراسي للشاب محمد وهي الطالبة أسماء مقبل طالبة صف تاسع: وقالت: والله لا أعلم من أين ابدأ في الحديث عن الوضع السيئ، وهذه السنة سأدرس الصف التاسع، ولا أعلم كيف سيكون الوضع ما بين الغلاء الذي نعيشه وما بين مصاريف المدرسة، والله ما اشتريت شيء وكل أغراضي هي من حق السنة الماضية أني وأخواتي الثلاث، فوالدتي ووالدي يعملون ولكن حرام نكلف عليهم فوق طاقتهم، لأن الدنيا صارت كلها نار بسبب ارتفاع الأسعار ومضاعفة أسعار الاحتياجات.

وبهذا الصدد كان لابد لنا من معرفة أجواء العام الدراسي من داخل إحدى المدارس في العاصمة عدن خصوصاً بعد إعلان بدء الدوام من قِبل وزير التربية والتعليم في حكومة الشرعية الدكتور لملس، ونزلنا إلى مدرسة نشوان والتقينا الأستاذ جودت محمد خان مدرس لغة عربية وسألناه عن انطباعه حول بدء العام الدراسي الجديد 2018 في عدن، وقال: الاستعدادات للعام الدراسي الجديد نسبياً جيدة، ولكن الوضع العام في البلاد ينعكس ويؤثر بشكل واضح ومباشر على بدء العملية التعليمية من ناحيتين، الأولى من ناحية المدرسة حيث أن النقابات التربوية أعلنت الإضراب العام عن العمل في كل مرافق التربية والتعليم حتى تحقيق مطالبها، والناحية الأخرى من جهة المجتمع، حيث أن الناس بعد عيد الأضحى بفترة وجيزة والارتفاع الهائل والسريع جداً في أسعار كافة المواد في الأسواق، ولهذا صارت الناس منهكة ومغلوبة على أمرها.

وتابع: كيف؟ ومن أين لها أن تشتري الملابس المدرسية والحقائب والدفاتر والأحذية لأبنائها، إضافة إلى الكتب المدرسية لأنها غير متوفرة في المدارس (( الشكوى لغير الله مذلة)).

وأثناء استوقافنا أحد المواطنين في الشارع لنسأله عن بدء العام الدراسي وكيف يرى الوضع الحالي في ظل الظروف التي يعيشها المواطن بسبب تدهور الوضع الاقتصادي فتحدث عبدالرحمن جرادي قائلاً لنا: أعتقد أن هناك قوى تسعى لعرقلة حتى التعليم، والسبب وراء ذلك إنها تسعى لزعزعة مدنية عدن وأهلها وهذه صورة من صور ما حدث في عام 2011 بسبب الأوضاع التي عشناها تلك الأيام مما تسبب بعرقلة التعليم بسبب أزمات مفتعلة، والسؤال الأهم من كل هذا الوضع الاقتصادي المتدهور الذي انعكس على كل أمور الحياة متى سينتهي وهل الحكومة الشرعية ستستمر في صمتها عن هذه الأوضاع السيئة أم أن فيها من يفتعل هذه الأزمات؟.

وفكرنا أنه ربما تكون مأساة العام الدراسي في ظل الأوضاع المعيشية السيئة في عدن والمحافظات المحررة مقتصرة على التعليم الأساسي والثانوي، ولكن الشاب معاذ هادي الذي يستعد لبدء العام الأخير له في كلية الهندسة فأخبرنا بالسلبية التي تحيط به هو وكثير من زملائه بقوله: أن أوضاع التعليم في اليمن عموماً أصبحت سيئة جداً بسبب كل الأزمات المفتعلة عمداً، لماذا لم تتحرك الجهات المعنية لتنفيذ قرار رئيس الجمهورية التي صدرت قبل أكثر من أسبوعين بإغلاق محلات الصرافة غير المرخصة ومنع استيراد الكماليات وغيرها، كونه حتى الوقت الحالي لم نرى أي تحرك حقيقي للجهات المعنية، فالناس تعبت من هذا الغلاء الذي أثر على كل نواحي الحياة سواءً في لقمة العيش أو في المواصلات أو التعليم، حيث أصبحنا نهم سعر الملازم لأن طباعتها مكلفة بسبب انقطاعات الكهرباء وتعمل المطابع على المولدات والبترول يوم يتوفر وأسابيع يختفي، وسعر صرف الدولار ما زال أكثر من 600 ريال وأسعار كل شيء أصبحت مرتفعة جداً وكيف الطلاب سيكونون قادرين مواصلة دراستهم وشراء احتياجات المدارس والجامعات وأهلنا غير قادرين على توفير ثلاث وجبات في اليوم؟.

وأختتمنا جولتنا في أحد الأسواق أمام بائع متجول، وسألناه عن بعض أسعار مستلزمات المدرسة خاصة وأنه يبيع كافة المستلزمات المدرسية لكن الأسعار كانت فعلاً نار تكوي المواطن، فرد علينا واسمه صلاح مقبل بالقول: والله نحن ليس بيدنا الأسعار، وأصلاً نحن نشتريها من تجار بسعر غالي ولهذا تجدنا مضطرين نزيد فوق سعر الشراء 50 ريال ولو كثرت 100، فالتجار الكبار يبيعوا لنا بسعر غالي لأن الدولار غالي، فسعر الزمزمية حق الماء كانت 350 الآن صارت 700 ريال، والدفتر أبو 40 ورقة كان 70 ريالاً والآن صار 250 ريالاً.

وبشأن سؤالنا له من وجهة نظرك من الذي يتحمل هذه المصيبة أنت أو غيرك؟، فأجاب : كل هذا والله ليس بيدنا نحن طالبين الله، ولكن ماذا نفعل إذا بلادنا فيها سرق كبار.

ومع كل هذه الآراء والأوضاع المعيشية الصعبة التي قد تتسبب في زيادة نسبة الأمية والجهل بسبب عدم مقدرة الأسرة على إرسال أولادها إلى المدارس نتمنى من الله عز وجل أن ييسر الحال، وأن تتجرأ حكومة الشرعية بتطبيق حلول جذرية على أرض الواقع للحد من التدهور المعيشي والاقتصادي في المناطق المحررة قبل وقوع الفأس في الرأس.