تحقيقات وحوارات

الثلاثاء - 30 أكتوبر 2018 - الساعة 11:55 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن برس / تقرير خاص

عدن الثغر المتبسم دوماً للجميع وصل بها الحال إلى انتشار فظيع جداً للأكشاك والبسطات في مختلف مديرياتها، مما جعل منها مدينة الأكوام القرطاسية والكرتونية، لكن وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت بعض المديريات انتفاضة نظافة ضد هذا العبث بالنظافة والنظام والجمال الحضاري لوجه المدينة المتبسمة.

ومن هذه المديريات مديرية المنصورة التي شهدت حملة شبابية لتنظيف الشارع الرئيسي فيها ( شارع السجن ) في ظل غياب السلطة المحلية لمديرية المنصورة التي على ما يبدو لم تعِ حتى اللحظة أن من مهمتها الحفاظ على النظافة والنظام في مديرية كبيرة كالمنصورة، مما حدا ببعض الشباب والطيبين أن يستنهضوا همتهم لينظفوا مديريتهم فكان الناتج شارع نظيف ومنظم يسلب العقل بجماله وزهاء طلائه.

أما مديرية الشيخ عثمان مترامية الأطراف وملتقى لكل مديريات العاصمة عدن فإن عدد سكانها يربو عن ربع مليون نسمة مساحتها (17) كيلو متراً مربعاً وتعد شوارع مديرية الشيخ عثمان من أكثر الشوارع اكتظاظاً بالمارة والباعة والمشتريين طوال العام، وهذا خلق حالة من التوسع والزيادة للأكشاك والبسطات والباعة المتجولين، كل هذا أدى إلى ازدياد المخلفات القرطاسية والكرتونية والبلاستيكية، ما جعل الشوارع الواسع تضيق رويداً رويداً.

وقبل أيام قلائل من الآن وبإشراف مباشر من مأمور الشيخ عثمان الأستاذ أحمد محضار، بدأت حملة لإزالة الأكشاك والبسطات وتنظيف شوارع المديرية.

واستطلعنا بعض آراء مواطني الشيخ عثمان حول هذه الحملة فكانت الحصيلة كالتالي:

التقينا أحد المارة في شارع مسجد النور في الشيخ عثمان، وسألناه ما شاء الله تبارك الله الشارع نظيف الآن؟

رد قائلاً: الحمد لله نظف أخيراً من أصحاب البسطات الذين بسّـطو حتى على الإسفلت (خط السيارات) وما عاد وجدنا منهم مكان للسير.

كما استوقفنا أحد الأخوة واسمه هاني حسن وسألناه عن رأيه في هذه الحملة فقال: تأخرت كثيراً وهذا الذي ترك الحبل على الغارب لأصحاب الأكشاك والبسطات، واستغلوا أن المسؤولين مشغولين بأمور كثيرة وقاموا ببناء الأكشاك وعملوا الفرشات، وفي بعض الأحيان خاصة أيام المواسم مثل رمضان والعيدين وحتى أيام الجمعة بسبب كثرة البسطات والأكشاك والمفارش ما تستطيع السير وتشعر بنفسك مقيد أثناء السير، وذلك بسبب الزحمة الناتجة عن هذه العشوائيات، ولكن السؤال الأهم هل ستدوم هذه الحملة أم ستنتهي بسرعة كالعادة.

من جانبه محمد عبدالرب أحد الباعة على البسطات، قال لنا: ما وجدنا مكان نأكل منه عيش إلا البسطة والآن منعونا من التبسيط بالشارع، وحالياً أبحث على مكان لأكل منه لقمتي.

أيضاً عمار عبدالإله تحدث حول الأمر كونه صاحب بسطة وقال: والله نحن متضررون من ناحية ومن ناحية ثانية ارتحنا قليل.

استغربنا فسألناه من ماذا ارتحتوا؟

فرد قائلاً من البلطجة، حيث يأتي فلان من الناس يقول هذه البسطة في "حافتي" ولازم تدفعوا لنا مبلغ من المال لأننا نحميكم، وإذا تريدوا تطلبوا الله ادفعوا.

واستغربنا مما سمعناه عن أعمال جباية غير شرعية!

واصلنا المسير لنلتقي الأخت أم سمير توفيق التي تحدثت قائلة: نحن مع التنظيم النظام، وإن رب السماء خلق كل شيء بالحياة بنظام ونأتي نحن البشر لعب وتحايل على النظام والقوانين سواء الأخلاقية أو الاجتماعية أو حتى ما فرضها الدين علينا كمسلمين، صدقوني لو طفتم على الشيخ كلها ستجدون ناس فرحانة من التنظيم والحملة هذه، ولكن أيضاً بتلاقوا ناس زعلانة، هناك قسمين قسم الناس المطحونين الذين يعيشون على البيع في البسطات والأكشاك، وقسم من يستغل أصحاب البسطات بمسميات ما أتى الله بها من سلطان وكأننا رجعنا إلى عهد الجاهلية، ونسمع كل ساعة عن اسم فلان أو زعطان انه حاكم السوق ولازم يدفعوا له مبلغ كل يوم أو كل أسبوع لأنه يحميه ولو في مشكلة يحلها لهم، وهذا يعني ابتزاز ليس أكثر ولا أقل، والله إني مقهورة على الباعة لأن هناك منهم من عيالنا لكني سعيدة بانقطاع الإتاوة التي كانوا يسلبوها (حكام السوق)، واسأل الله أن تستمر هذه الحملة حتى تكون رادع لمن يبتز الناس التعبانة الذي يركضوا وراء لقمة عيشهم.

معتز فضل طالب في كلية الهندسة ويسكن في الشيخ عثمان كان يلتقط بعض الصور للشارع خاصة وانه أصبح واسع تقريباً بعد إزالة كثير من البسطات والعربيات والأكشاك والمفرشين سألناه عن رأيه في الحملة فأجاب: أنا الآن التقط صور للشارع وبنزلهم في صفحتي بالفيس بوك دعم للحملة، وأعلن أني متضامن مع الحملة لأننا تعبنا من التسيب والإهمال وانعدام التنظيم لشوارع الشيخ عثمان التي خرج منها الإعلاميون والفنانون والمثقفون والمعلمون والمحامون وكل فئات العلم، ولكن للأسف بعد 2011 لاحظنا ازدياد البسطات والفرشات وبناء عشوائي للأكشاك والمحل الفلاني اليافطة تبعه كبيرة جداً فالمحل الثاني عمل واحدة أكبر وكل واحد منهم يعمل أنابيب حديد عشان يعلق عليها اليافطة، وليس مهم عندهم أنهم تسببوا بتضييق للشارع وأن الناس عندما تسير ممكن أن تصاب بالحديد هذا أو يمر رجل كبير بالسن ويُصاب فيه، كل واحد يبحث عن مصلحته ونسوا حق الشارع عليهم وحق الناس التي تعيش في هذا الشارع أو ذاك، والله افتقدنا لكثير من الأخلاقيات لأن الحرب دمرت النفوس والأخلاق مثل ما دمرت البناء والحضارة والعلم.

واختتمنا جولتنا بلقاء مع الأخ أحمد سالم يعمل في أحد محلات بيع الجوال وسألناه عن الحملة فقال لنا: صحيح أن الحملة ونتائجها الآن واضحة للناس من حيث أن الشوارع تقريبا أصبحت واسعة ونظيفة، ولكن والله أني زعلان على الناس البسطاء الذين كانوا يأكلوا لقمتهم من البيع والشراء على البسطات، يعني المفروض طالما وأن الحملة قامت للتنظيف والتنظيم، لماذا المختصين ما يوجدوا مكان معين لأصحاب البسطات والأكشاك ويخصصوه لهم ليعينوا أنفسهم في مواجهة الحياة التي أصبحت قاسية جداً في ظل الظروف المعيشية الصعبة جداً.

الحملة التي أشعرت مواطني مديرية الشيخ عثمان بارتياح منقطع النظير، مازالت مستمرة وكذا حملة المنصورة التي تشمل تنظيف الشوارع الرئيسة فيها مستمرة، ويتبادر إلى الأذهان سؤال مهم هل ستستمر الحملة لفترة طويلة لتصحح أخطاء تراكمت على مر سنين طويلة ضاعت خلالها مفاهيم الرقي وآداب الشارع العام؟.

وهل سنرى قريباً مكاناً مخصصاً يحوي كل أصحاب البسطات والأكشاك بدل من أن يعودا مرة أخرى إلى التبسيط والبناء العشوائي على قارعة الشارع أو يتم ابتزازهم من بعض البلاطجة.
 
ونسأل الله التوفيق لكل جهود الخيرين في إصلاح المجتمع ونسيجه خاصة في العاصمة عدن التي مازالت لم تلقِ اهتماماً يُذكر كعاصمة لحكومة الشرعية على مدى أربع سنوات.