كتابات وآراء


الثلاثاء - 24 ديسمبر 2019 - الساعة 05:37 م

كُتب بواسطة : أحمد سعيد كرامة - ارشيف الكاتب


هكذا ينظر عامة الشعب للمجلس الانتقالي الجنوبي، ينظرون إليه كطوق نجاة ينتشلهم من وضعهم المأساوي الكارثي، ينظرون إليه كملاذ آمن وأخير للخروج من مستنقع الضياع والمصير المجهول، فلا تخذلوا هذا الشعب الذي جعل منكم رقما صعبا، حق تقرير المصير كفلته الشرائع السماوية والقوانين الدولية، ولم ولن يهزم شعب على مر التأريخ حتى لو تأخر النصر لعشرات السنين.

أما الطبقة الاروستقراطية المتسلقة فتنظر إليه (المجلس الانتقالي) كحصان طروادة للوصول إلى السلطة التي ستحمي وتنمي مشاريعهم الاستثمارية، هذا الطرف لا يعول أو يهتم كثيرا بفشل أو بنهاية المجلس، لأنه لن يخسر سوى سلطة أو فرصة كانت قاب قوسين أو أدنى من الحصول عليها، وسيستمر بالحياة بعكس الشعب.

أما الشعب سيخسر آخر فرصة له بالعيش الكريم والتحرر من التبعية والتهميش والإقصاء المترسخة بعقلية وسلوك مجتمع شمال اليمن، ويصعب تغييرها أو تجاوزها، لا تبحث الشعوب دائمل عن مناصب سياسية، بل تبحث عن سياسيين شرفاء أوفياء وطنيون يوفرون لهم الأمن والاستقرار وحياة مستورة تحفظ لهم كرامتهم.

فشل الانتقالي أو إنهياره أو إنقسامه أو إنشقاقه لن يدفع وحده الشعب الجنوبي وقضيته فاتورة تلك الكارثة إن حدثت، بل العالم أجمع لحساسية الموقع الجغرافي الإستراتيجي لجنوب اليمن.

الانتقالي وحد معظم الشعب خلف قيادة واحدة، حتى لو كنا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في بعض من قياداته التي أصبحت عبئ لا نستطيع تحملها أكثر مما ينبغي، تلك القيادات أتت بمرحلة معينة، وللأسف الشديد لم تستطيع مواكبة هذه المرحلة بسبب قلة خبرتها وتواضع إمكانياتها السياسية والأمنية والعسكرية والدبلوماسية.

التحالف العربي (السعودية) تريد ترويض المجلس الانتقالي وقيادته تحديدا عن طريق العصا تارة والجزرة تارة أخرى، لم تستوعب الشقيقة أن هناك شعب جنوبي عانى ولازال يعاني بسبب قرارات كارثية تفرد بها زعماء جنوبيين سابقين أدت لضياعهم وضياع دولتهم، وعلى قادة الانتقالي عدم تكرار أخطاء الماضي بالتفرد بقرارات مصيرية بعيدا عن شعبهم.

للتحالف العربي، لا تحرقوا الانتقالي أمام جماهيره بهذه الطريقة المؤسفة، كالذي يحدث حاليا بالرياض.

إنفراط عقد الانتقالي سيؤدي لعودة مئات الفصائل والكتائب والقادة، وبالتالي سيصبح من المستحيل توحيد صفوفهم ولملمة شتاتهم مرة أخرى، وستدخل المنطقة بفراغ أمني وعسكري وسياسي سيؤدي لعودة الجماعات الإرهابية وبالتالي فشل الدولة اليمنية إلى الأبد، وتهديد السلم والأمن العالمي والإقليمي.

المشروع أو التوجه السعودي يعارض مشروع الإنفصال أو فك الارتباط، وهذا من حقهم وخيارهم الذي يجب ألا يفرضوه علينا فرضا مستغلين وضعنا العسكري الهش والمعيشي المزري، من تنتفض دائما وتحرق الأخضر واليابس هي الشعوب الفقيرة بعد نفاذ صبرها وبصورة عفوية وبعيدا عن السياسة والساسة.

على قيادة الانتقالي طرح هكذا قضايا أمام الرأي العام الجنوبي بصورة عقلانية وموضوعية وبشفافية مطلقة إذا أرادت أن تكسب حاضنتها الشعبية ولا تخسرها، تناقض المواقف المعلنة وغير المعلنة سيسبب صدمة عنيفة للشعب الجنوبي ومثقفيه، وسيفقد الثقة بين القيادة السياسية والشعب.