كتابات وآراء


الجمعة - 25 مايو 2018 - الساعة 01:12 ص

كُتب بواسطة : جمال عبداللطيف عبادي - ارشيف الكاتب


في شيفيلد لا يوجد حر ولا نحتاج للثلاجة كثيراً، لكن يوجد ضمير لدى المسؤولين فيها !، لم يتركونا نعاني من انقطاع الكهرباء وهم يتفرجون ويتلذذون بمعاناتنا .. معاناتنا الوحيدة كانت مع الظلام وخوف حفيدتنا رحمة من الظلام، لأنها لم تعش وضع عدن أبداً، ولا تعرف ما هو الظلام والسكون التام، لا تلفاز ولا فيديو ولا إضاءة .. خاصةً بعد أن نفذت بطاريات الموبايل والآيباد لدينا، لا شموع لدينا ولا وسائل اضاءة أخرى لأننا لم نعرف خلال فترة تسع سنوات أية انقطاعات للكهرباء هنا .. لقد تعذبت رحمة بسبب وضع نعتبره نحن الذين عايشنا أوجاع عدن ولمسناها في حدّها الأقل من الحالي كثيراً، لقد أعتبرنا وضعنا هنا برداً وسلاماً بالمقارنة مع وضع عدن الحالي .. كم دعونا الله، وكم توجهنا بالمناشدات إلى كل من يقدر أو يستطيع فعل شيئ .. لم نترك باباً إلا وطرقناه من أجل عدن، لكن النتيجة أن عدن وناسها لا يزالون يعيشون المأساة .. هنا في هذه البلاد وهذا لا أقصد به المقارنة ولكن التوضيح لمدى حرص المسؤولين على راحة شعبهم .. مكالمة واحدة، وفي يوم عطلة أسبوعية، حتى أستنفرت فرق العمل وحضرت البولدوزرات والحفارات وعربات الدعم الاالكتروني، وبحثوا عن العطل، واكتشفوا العطل وأصلحوه، وارتفعت معاناة رحمة ومثلها العديد من أطفال شارعنا ...
ماذا بعد ؟ .. هناك عدن وناسها لا يزالون يعانون ! ولا تزال صرخاتنا ترتفع لنحاول إيصالها إلى كل من بيده شيئاً لمنفعة عدن وناسها .. إن صرخاتنا الصغيرة من أجل رحمة حفيدتنا الغالية ومعها أطفال شارعنا، جعلت ممثلنا في مجلس العموم وممثلينا في مجلس شيفيلد ومعهم مسؤولي المدينة، يتحركون ليرفعوا معاناة بضعة مئات من الناس يقعون تحت مسؤوليتهم ! .. هل نحصي عدد الصرخات ورسائل المناشدة، وعبارات الفجيعة التي تحدثت ولا تزال عن عدن وناسها ؟ كل هذا لم يحرّك ساكناً لإنقاذ مئات الآلاف من الناس عند من بيدهم القدرة !

الشرعية ولصوصها، والتحالف بإمكانياته، والإنتقالي وتأنّيه المبالغ فيه، وباقي القوى الجنوبية وعلى رأسها أصحاب المال من أبناء الجنوب .. كل هؤلاء بيدهم جزء من الحل .. على التحالف الذي يعتبر جزء من فعل الوصاية الدولية على اليمن، أن يعمل على حماية طرق المساعدات وسلامة وصولها إلى مصارفها اللازمة، وابعادها عن يد اللصوص، وإذا كان كما يُقال بأنه الراعي والداعم للمجلس الانتقالي، فعليه قبل كل شيئ أن يوفر للانتقالي ومن يختاره بيئة العمل المناسبة لخدمة الناس .. وعلى المجلس الانتقالي الذي هو الوحيد الذي يملك الوجود التنظيمي في عموم الجنوب، وفي عدن، عليه أن يختار الأصلح من المختصين في مجال الخدمات والعمل على سلامة وصولها وصرفها .. ولا أرى مانعاً من التعاون بين الصالحين في الحكومة وتشكيلاتها وبين المجلس الانتقالي في هذا الخصوص .. أعلم أن الانتقالي لديه من المهام ما هو سياسي ودولي، ولكن قاعدته الشعبية تستحق منه بعض من إهتمامه !

إن معاناة رحمة ومن مثلها من الأطفال حرّكت مسؤولي شيفيلد ومقاطعة يورك شاير لرفع المعاناة عنهم .. هذه المعاناة لا تعتبر ذرة في صحراء معاناة ناسنا في عدن .. هنا تحرك من بيدهم الأمر، وهناك يهلل من بيدهم الأمر للمعاناة ويتمنون دوامها لدوام باب الاسترزاق .. لقد وجدت رحمة الحل، فهل يجد أمثالها في عدن الرحمة ؟!
لهذا فضلاً: لا تفهموا حديثي هذا على أنه مقارنة بين وضعين، بل هو تكرار لعرض معاناة ناسنا في عدن .. وكفى بالله حسيباً ووكيلاً ...