كتابات وآراء


الأحد - 21 أكتوبر 2018 - الساعة 05:24 م

كُتب بواسطة : د. عيدروس نصر - ارشيف الكاتب


تابعت كغيري مقابلة الأخ المهندس عبد الله صعتر القيادي في التجمع اليمني للإصلاح الذي قدمته قناة سهيل على إنه عضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء وكان اللقاء عبر الأقمار الصناعية، ولم يقل لنا المذيع من أين كان يتحدث.
وعموما فقد تعرض المهندس الشيخ لقضايا كثيرة لا يمكن تناولها جميعاً في هذه العجالة، لكن هناك الكثير من الأمور تستحق التوقف أهمها ما يتعلق بالجنوب والقضية الجنوبية التي جاء حديث الشيخ صعتر فيها منسجما مع الموقف التاريخي لحزب الإصلاح وقياداته منذ اندلاع حرب صيف 1994م.
تحدث الأخ صعتر عن مواجهة ما يسمونها "المليشيات الخارجة عن الدولة" في ما يسمونها بـ"المحافظات المحررة" وهو التعبير الذي يقصد به الإخوة الإصلاحيون قوات المقاومة الجنوبية وما انتظم منها في وحدات عسكرية جرى تشكيلها ومنح قادتها الرتب العسكرية بقرارات جمهورية، وهي بالتحديد قوات الحزام الأمني والنخب الأمنية، في محافظات الجنوب، لكن الأخ صعتر يدعو إلى مقاتلتها ويضعها مع الحوثي في ميزان واحد.
تعلم الشيخ صعتر من التجربة المرة في ورطة زميله د. عبد الوهاب الديلمي في العام ١٩٩٤م عندما افتى بوجوب قتل الجنوبيين، فجاء بفتوى مبطنة تحت يافطة "الضرورات تبيح المحظورات" وهي نفس الدعوة إلى القتل لكن بعبارات أكثر نعومة وزئبقية وأقل مباشرة وفجاجة.
قبل أسابيع كان الشيخ صعتر قد تحدث عن الفيالق العسكرية التي يكونها مقاتلو حزب الإصلاح وتحدث عن تضحياتهم وعن شهدائهم، هذه الفيالق التي كما يعرف الجميع تسيطر على مناطق بكاملها وتديرها بل وتطارد بقية المقاومين غير الإصلاحيين فيها وتطردهم وتعتقل وتخفي عشرات المقاومين، وما تجربة المقاوم التعزي ونجم الثورة الشبابية السلمية المخفي قسرا أيوب الصالحي سوى واحدة من عشرات الحالات، لكن تلك الفيالق ليست ميليشيات، ولا هي خارجة عن الشرعية، ببساطة لأنها إصلاحية وطبعا لا نتوقع من الصديق صعتر أن يفتي بنصحها ووعظها ناهيك عن مواجهتها ومقاتلتها.
ونعود إلى ثالثة الأثافي التي لم ييأس الإخوة الإصلاحيون من تكرارها بببغائية عجيبة وهي أن المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الجنوبية عملاء لإيران، وحجتهم في هذا أن قناة عدن لايف كانت تبث قبل 15 سنة من بيروت، وإنها مدعومة من حزب الله ومن إيران.
وبعيدا عن مناقرة الضرائر ومماحكات الصبية التي لا أظنها تليق بقادة سياسيين ودعاة دينيين مثل الأخ عبد الله صعتر وحزبه الأثير يمكن التعرض للحقائق التالية:
1. قناة عدن لايف ليست قناة المجلس الانتقالي، وقد وجدت قبل ميلاد المجلس الانتقالي بعقود، وأدت ما عليها وفقاً لإمكانياتها الشحيحة وأحيانا المعدومة، وحتى لو كانت مدعومة من إيران وحزب الله فلا علاقة لكل هذا بالمجلس الانتقالي ولا حتى بالمقاومة الجنوبية التي نشأت مع الغزو الثاني في 2015 بعد أن كانت القناة قد أغلقت لأسباب تخص القائمين عليها.
2. في بيروت هناك مئات المراكز الإعلامية والقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، وهي بطبيعة الحال ليست مدعومة من إيران ولا تتبع حزب الله بل إن منها ما يواجه مشروع حزب الله ويعري السياسات الإيرانية التوسعية بكل شجاعة وجرأة، ومن بين هذه كلها لم يتهم بالتبعية لإيران إلا قناة عدن لايف التي اعتمدت طوال سنوات بثها على العمل الطوعي لكادرها و الدعم المحدود من بعض رجال الأعمال الجنوبيين.
3. ولنفترض أن قناة عدن لايف كانت فعلا مدعومة من إيران واعتبرتم هذه حجة على الجنوب وقواه السياسية ، لنا أن نذكركم والقراء الكرام بما يلي:
أ‌. إذا كنا سنحاسب كل إنسان أو حزب أو مكون سياسي على ما قبل عقدين من الزمن، فهل يتذكر معالي المهندس أن حزبه كان قد رشح علي عبد الله صالح لرئاسة الجمهورية اليمنية حتى قبل أن يرشحه حزبه (المؤتمر الشعبي العام) في الانتخابات الرئاسية عام 1999م، فهل هذه عمالة لإيران باعتبار صالح صار لاحقا ركيزة من ركائز المشروع الإيراني في اليمن؟
ب‌. هل يتذكر سيادة المهندس صعتر أن قيادة حزبه هي القيادة الحزبية الوحيدة التي زارت صاحب الكهف في مران في العام 2014م بعيد سيطرة قواته على صنعاء مباشرة؟ حينما كان رئيس الجمهورية الذي تستظلون بشرعيته تحت حصار المليشيات الحوثية؟ فمن هو عميل إيران؟ أهو الذي أدى طقوس الولاء والطاعة لصاحب الكهف قبل ثلاث سنوات فقط، أم المتهم باستماع ومشاهدة محطة تلفيزيونية كانت تبث من بيروت قبل عقدين من الزمن؟ وأشير هنا إلى الموقف المتميز للزميل البرلماني والتربوي الأستاذ زيد الشامي الذي كتب منشورا على موقع الصحوة نت أعلن فيه أسفه للمشاركة في هذه الزيارة وتبرءَه من نتائجها.
ت‌. وسنضطر إلى نشر حقيقة طالما تحاشينا التعرض لها طوال السنوات الماضية تجنبا لإحراج الأصدقاء في قيادة حزب الإصلاح لكن طالما أصررتم على البحث عن عملاء إيران نذكر أنه وبعيد سقوط صنعاء والزيارة الشهيرة لصاحب الكهف تقدم الإخوة في قيادة الإصلاح إلى قادة اللقاء المشترك (قبل أن ينفرط عقده) بمقترح يقضي بتكوين وفد من جميع الأحزاب لزيارة طهران (من تقدم بالمقترح هم الإخوة في التجمع اليمني للإصلاح وليس حزب حسن زيد أو حزب الدكتور قاسم سلام) وطبعا كان مصير المقترح الرفض من غالبية الحاضرين وربما كانت تلك هي بداية النهاية لتجمع اللقاء المشترك، فأي التصرفين هو أكثر قربا من العمالة لإيران أهو الحنان على إيران والتهيئة لزيارة عاصمتها أم وهم القناة الفضائية التي أغلقت قبل أكثر من عقد؟.
هل تتذكرون أخي المهندس هذه الحقائق وغيرها عشرات الحقائق التي ربطت مصير الإصلاح بمصير صالح وقربت الإصلاح من جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن؟ بما في ذلك ما تعرض له الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الله يرحمه في مذكراته، حول قيام التجمع ومشاركة التجمع في حرب 1994م، وحصة قيادته من الغنائم ما بعد الحرب، هل تتذكرون كل هذا التاريخ للعلاقة مع عفاش والحوثي؟ أم أنكم لا تتذكرون إلا قناة عدن لايف التي أدت ما عليها وتوقفت عن البث قبل أكثر من عقد على قيام المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية؟؟؟
4. وبالعودة إلى موضوع العمالة لإيران، وحيث أن الإخوة في الإصلاح مصممون على إن المجلس الانتقالي ومعه المقاومة الجنوبية وكل المكونات التي شكلت روافد ثورة الحراك السلمي الجنوبي العظيمة، منذ العام 1994م , حيث أنهم مصممون على إن هذه القوى عميلة لإيران، ويعلمون علم اليقين أن هذه القوى هي الوحيدة التي هزمت المشروع الإيراني في كل الأرض اليمنية وأعادت ماء الوجه للسلطة الشرعية التي خذلها الجميع، نقول لهم ما سبق وأن قلناه مرارا: ننصحكم بأن تكونوا عملاء لإيران لتتمكنوا من العودة إلى قراكم واستعادة منازلكم، قبل استعادة الدولة والعاصمة، طالما أن عملاء إيران هم المؤهلون الوحيدون لهزيمة المشروع الإيراني في اليمن.
ليست المشكلة أن هناك محترفي كذب وافتراء في اليمن، فهذا أمر ملازم لظواهر الديماغوجيا السياسية وممارساتها القبيحة طالما اختلطت فيها الرذيلة بالفضيلة والمعصية بالتقوى، لكن المشكلة أن من يمارس الكذب والتزييف واحتقار عقول جمهوره والمعجبين به، هم رجال شديدو التظاهر بالتدين ولحاهم أطول من أيديهم، وعلامة السجدة على جباههم أكثر اسودادا من السواد ذاته، والأدهى من هذا والأشد مرارةً أن تكون الكذبة من الفجاجة والاستخفاف على طريقة "أن عملاء أيران هم من هزم المشروع الإيراني في الجنوب".
لن نقول للصديق المهندس عبد الله صعتر إلا: " يا لوماه، ألف يا لوماه" ، "إن كنت لا تخشى عتاب العقلاء من العباد فهلا خشيت السؤال الصعب يوم المواجهة مع رب العباد؟؟؟؟"
وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" ( الانفال ـ آية 30).