كتابات وآراء


الخميس - 19 أغسطس 2021 - الساعة 04:09 م

كُتب بواسطة : محمد نجيب - ارشيف الكاتب



- هناك عدد قليل من الدول العربية, تختبر وتعيش في ازمات متعددة ومشاكل متنوعة سياسية واقتصادية وحروب تزداد وتتوسع حدة بدون بصيص امل لنهايتها..هذا هو حال هذه الدول الفاشلة , برغم وجود الحد الأدنى المفعل لكيانات وهياكل الدولة من مؤسسات وأجهزة سيادية مختلفة (البرلمان, الحكومة, القضاء, الأمن..إلخ ).
- والجدير ذكره أن واقع هذه الدول العام يتمثل فعليا وتحديدا في الصعوبات والمشاكل الإقتصادية والمالية المستمرة وانعكاساتها السلبية مما نتج عنه تدهور سريع وحاد في معيشة المواطن العادي (الأغلبية الساحقة من السكان) في هذه الدول.
- ودعونا ناخذ لبنان (سويسرا الشرق) كمثال واقعي وحقيقي لهذه التطورات الدرماتيكية والتي كانت بمقتل لكل ما كان "يعرف ويمثل" لبنان بقدر من المثالية الإقتصادية والمالية,دولة وشعب.
- لبنان, برغم صغر مساحتها الجغرافية وعدد سكانها نحو 11ألف كيلو متر مربع و5 ملايين نسمة على التوالي, إلا إنها كانت واحة إقتصادية ومالية. إذ تمتع المواطن اللبناني بواحد من أعلى الدخول على مستوى العالم العربي (باستثناء دول الخليج ).
- كما أن حجم أصول قطاعها المصرفي كان الثاني عربيا (نحو 260 مليار دولار أمريكي ), بعد المصري (باستثناء قطاع المصارف الخليجية ) والذي اعتمد بصفة رئيسية على تحويلات المغتربين اللبنانيبن في إبقائه عائدا وإعطاء مؤشرات مواقفه المالية تصنيف - Rating "المقبول والآمن".
- كما يمتلك لبنان ثاني أكبر حيازة لإحتياطي الذهب عربيا (بعد السعودية ).
- ولكن بسبب الفساد السياسي في حكم الدولة بصفة عامة والفساد المتجذر في إدارة شؤونه الإقتصادية والمالية خاصة اوصلت حجم الدين العام اللبناني إلى نحو 160 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعليه, تداعى لبنان وسقط في هاوية عميقة سحيقة إقتصاديا لن يستطيع الخروج منها, إن استطاع, معافا.
- سياسيا على مستوى الدولة, فالذي يديرها ومنذ أكثر من 18 شهرا حكومة تصريف الأعمال. والى حينه لم يتفق الفرقاء/النخبة السياسية على أي تشكيلة لأي حكومة قادمة.
- اما قطاعها المصرفي فقد انكمش لدرجة أن البنوك والمصارف امتنعت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه مودعيها وعملائها, داخليا وخارجيا.
- اما التدعيات على الليرة اللبنانية وسعر صرفها فقد كانت الأسوأ على الإطلاق من بين كل هذه العوامل. إذ فقدت العملة اللبنانية نحو 90 في المئة من قيمتها السوقية مقابل الدولار الأمريكي.
- وبسبب إفلاس الدولة وانهيار مقدرتها المالية (لكثرة ديونها) فقد تم إلغاء كافة سياسات "الدعم" على الأساسيات والتي اعتمد عليها المواطن اللبناني لعقود.
- وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي المساؤوي بدات قطاعات إقتصادية خدماتية من كهرباء, مستشفيات, ماء,صرف صحي,وقود ..إلخ بالانهيار واحدة تلو الأخرى.
- ويقدر حاليا أن دخل المواطن اللبناني العادي بالكاد يفي ب"20 في المئة من احتياجاته الحياتية /المعيشية".
☆ نكاد أن نجزم ان اليمن هي الدولة العربية الأقرب واقع إلى الحالة اللبنانية الراهنة بكل محتوياتها الإقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية .
- فلا واقع سياسي ثابت ومستقر. ولا حكومة ذات كفاءة وحس وطني, ولا ضوابط لوقف نزيف موارد الدولة,ولا نهاية لمسلسل الفساد التاريخي,ولا تقارب بين الفرقاء السياسيين, ولا نهاية الحرب مدمرة أكلت الأخضر واليابس...
- إذا في ظرف 18 شهرا زمان تدهورت الأوضاع الإقتصادية والمالية لدولة لبنان ل"تنهار" بعدها كل الأساسات والأعمدة والهياكل الإقتصادية لتجعل من المستحيل العودة واستعادة ما كان قائما "في الزمن السابق" نصا وروحا.
- اما الواقع في اليمن وبإيجاز هو إستمرار تدهور كل نواحي وقطاعات ومجالات وأنشطة العمل والإنتاج والمال والخدمات بكافة مكوناتها. والاهم فقدان سعر صرف الريال اليمني لنحو 80 في المئة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي مما أدى إلى تردئ الحالة العامة لدرجة تآكل ونخر أرضية واساسات سبل عيش وحياة المواطن الذي أصبح يصنف في خانة "الافقر" على مستوى العالم.
< هذه هي صور التشابه والتقارب المنطقي وفي أكمل صوره بين الحالتين اللبنانية واليمنية. وإذا, هو كذلك فإن "إنهيارا" مدويا على وشك الحدوث على المستوى الوطني هو أكبر وأروع من "الحدث اللبناني " . ذلك أن الأخير استغرق اقل من عامين من مرحلة "التدهور" إلى "الإنهيار". اما التدهور اليمني فهو "يغلي" (بالدارجه ينجح) منذ أكثر من 6 سنوات, هو "تدهورا" اكثر "نضجا واكتمالا" سيحدث "إنهيارا" غير مسبوق ,حجما ودويا وثاتيرا وضررا غير قابل للإصلاح أو المعالجة , في كل نواحي العيش والحياة.
- فهل لنا أن في لبنان الشقيق "عبرة"?.
اللهم المستعان, اللهم لأ شماته...