كتابات وآراء


الثلاثاء - 05 مايو 2020 - الساعة 12:48 ص

كُتب بواسطة : قاسم داؤود - ارشيف الكاتب


نعم للتحقيق ومسائلة مهنية شاملة لا تستثني أحد، ليس عن حادثة بعينها وإنما عن كارثة تعيشها عدن والتي أعلنتها الحكومة مدينة منكوبة، وعن خطر جائحة كورونا الذي بات يخطف العشرات من الناس، وسيحول البلاد إلى بؤرة وحاضنة له.
من المسؤول؟
نعم لنقل جميعاً من المسؤول؟
ونترك للنيابة العامة أن تجيب على السؤال.
أطراف العملية الثلاثة:
• الحكومة بكل مستوياتها، بما فيها: قيادات ومسؤولي قطاع الصحة، بما فيه الخاص، فهي التي تمنح التراخيص وتمارس حق الإشراف والتقييم والتوجيه. ماذا عملت الحكومة طوال أربعة أشهر لمواجهة خطر فيروس كورونا، والمجال يطول.
• ثم المجتمع: وكيف التزم بإجراءات وإرشادات الحجر الصحي، والتباعد الاجتماعي، وغيرها الكثير.
• ثم نأتي إلى المضلع الثالث: والمتمثل في الطواقم الطبية: أطباء، وفنيين، وممرضين، وعمال خدمات في المستشفيات، هذه الشريحة التي يتم تكريمها في كل دول العالم إلا في عدن، وينحني لها قادة الدول، ورموز الأمة، ويستلهم بطولاتها وتضحياتها كبار الشعراء والأدباء والرسامين إكراماً واعترافاً بدور اضطلعت به في حرب ضروس مع عدو شرس ومفترس، نيابة عن الجميع الخاضعين للحجر صحي، والذين اكتفوا بمتابعة وقائع المعركة عن بعد ومن خلال السوشيال ميديا. لقد تم إضاءة المعالم التاريخية والسياحية في كل دول العالم، وانحنى لتحيتهم الجميع، وأعطيت لهم وأسرهم الحوافز المادية والمعنوية، ووفرت لهم كل وسائل الحماية والسلامة والرعاية.
قدموا من التضحيات للبشرية ما لم تقدمه أي شريحة أخرى، بلغت 13% من مجموع من طالهم الفيروس في بعض البلدان.
إلا في عدن فالكل متهم بل ومدان إلا أن يثبت براءته. هكذا تم خلال ساعات إشاعة جو من العداء ضد هذه الشريحة، وقبل حتى أن تبدأ التحقيقات التي وجه بها معالي النائب العام.
من أجل الوصول للحقيقة ومحاسبة المسؤول عن التقصير والأخطاء بنتائجها المأساوية ينبغي أن يطال التحقيق كل الأطراف وفي مقدمتها الحكومة والمسؤولين عن هذا الملف.
الجميع يدركون أنه ومع عجز الحكومة وفشلها واستهتار المجتمع لا يستطيع الأطباء عمل المستحيل، وصنع المعجزة.
نعم لتحقيق شامل وإعمال القانون وتطبيق العدالة وضم كل البلاغات لملف القضية بما فيها البلاغات المقدمة من المحامي جسار مكاوي، والمحامية عفراء حريري ومن غيرهم.
لقد فعل خيراً فضيلة القاضي فهيم الحضرمي رئيس محكمة استئناف عدن بتوجيه الناس إلى حيث يجب أن يتجهوا، بغض النظر عن اتفاق البعض أو اختلافهم مع البلاغ الذي تقدم به، واستجاب له معالي النائب العام.
إننا إذ نترحم على أرواح الضحايا ونتضامن مع أسرهم، ندعوا إلى إشاعة أجواء الوحدة والتسامح والتضامن في مواجهة الخطر الذي يستهدف الكل، فإذا كانت الدول العظمى تدعو لتعاون وتضامن دولي باعتباره ضرورة للانتصار على فيروس كورونا، وأضراره المباشرة والغير مباشرة، فكيف سيكون الأمر بالنسبة للوضع في عدن ونطاقات أوسع من عدن.
أدعو لوقف الحملة الإعلامية على العاملين في القطاع الصحي حتى لا تؤثر على مجريات التحقيق، ويكفي الأطباء والممرضين الضغط الواقع عليهم وعلى أسرهم وهم يواجهون هذا الخطر، ويقومون بالواجب وأكثر من أجل حماية الناس.
ومن أجل إصلاح الاختلال وأخذ حق الناس بالقانون علينا توجيه الاتهام أولاً: للطرف الرئيسي، ولا نجعل من العاملين في القطاع الطبي كبش فداء. علينا أن نتذكر أن بعضهم قد غادر إلى جوار ربه، وآخرين يصارعون المرض نتيجة مخالطتهم مرضى مصابين بالفيروس، ومن الواجب أن ندعو لهم بالشفاء.
وأخيراً: كلمة إنصاف بحق المرأة وتضامن معها.
تشير الإحصائيات إلى أن المرأة تشكل ما نسبته 70% من العاملين في القطاع الصحي على مستوى العالم، وقامت بدور بارز واجترحت مآثر في مواجهة جائحة كورونا، وتحملت نصيبها من التضحيات.
ولاشك في أن إطلاق صفة ملائكة الرحمة على العاملين في هذا الحقل الحيوي وهذه المهنة الإنسانية قد يرجع للمرأة أولاً لما تتمتع به من عاطفة وحنان وقدرة على الصبر والتحمل، وهي حقيقة لا تنتقص من صفات الرجل وقدراته.
تشغل المرأة نسبة وازنة من مجموع العاملين في هذا المجال في عدن، وبأداء مهني وإنساني، وقدرات علمية وتطبيقية، جعل الكثير منهن نماذج للنجاح، ومثار إعجاب واحترام المجتمع؛ على الرغم مما طالها إقصاء وتهميش في شغل المناصب القيادية والإشرافية والترقية والتأهيل العالي.
وبمناسبة إجراء التحقيقات بحسب توجيه معالي النائب العام، وما سوف يتبعه من إجراءات نأمل أن تحقق الإنصاف للمرأة أكانت: الطبيبة أو الممرضة أو العاملة، نود التنبيه من أن يتم استقلال مسار التحقيق ونتائجه لإلحاق المزيد من الغبن والتهميش والإقصاء للمرأة العاملة في هذا المجال، وتعريضها للتسريح والإحالة على التقاعد، وحرمانها من حقها في الترقية الوظيفية وشغل الوظائف القيادية والإشرافية، وحق التوظيف والأجر المنصف وأن تكون عرضة شروط قاسية وتعجيزية لا تراعي وضعها الاجتماعي، وتأثير حالة عامة تمر بها البلاد.
ونظراً لما يشكله فيروس كورونا من خطر على العاملين في هذا القطاع بما فيهم المرأة ندعو إلى إعطاءها العناية وتمكينها من الحصول على الوسائل والأدوات الضرورية للوقاية والسلامة بدون تمييز أو استئثار بسبب النوع الاجتماعي.
أجدها فرصة لأتوجه لمعالي النائب العام بطلب التكرم بالتوجيه بتمكين المنظمات والمؤسسات الحقوقية من مواكبة التحقيقات، بما فيها مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب الذي أتشرف برئاسته.