كتابات وآراء


الإثنين - 01 أكتوبر 2018 - الساعة 10:42 م

كُتب بواسطة : صادق ناشر - ارشيف الكاتب


منذ نشأتها في أكتوبر/‏ تشرين الأول من القرن الماضي، على أنقاض عصبة الأمم، تم تأسيس الأمم المتحدة بصيغتها الحالية لتكون بيتاً جامعاً للشعوب المتطلعة لعهد جديد يسوده السلام، بعد التخلص من الخطر الذي كانت تشكّله بعض المحاور الدولية المتصارعة التي قادت العالم إلى دمار هائل باندلاع حرب عالمية ثانية طاحنة حصدت الملايين من الضحايا الأبرياء، خاصة في أوروبا، إلا أن هذا الحلم سرعان ما تبدد بعد أن هيمنت قوى تعدّ على أصابع اليد على مصير هذه الأمم، والتحكم فيها.

وفي تاريخ الأمم المتحدة الكثير من المحطات التي يمكن الإشارة إليها بكونها لحظات فارقة في حياة الشعوب، فقد انتصرت المنظمة الدولية لحرية الكثير من الشعوب المسحوقة، في أكثر من قارة، وكانت نصيراً لها بعد أن ظلت ترزح تحت نير الاستعمار، خاصة الأوروبي الذي كان حاضراً في بلدان كثيرة، وظل هذا الاستعمار ينهش خيرات الشعوب حتى ستينات وسبعينات القرن الماضي.

ولعل حماية حقوق الإنسان كانت واحدة من الأسس التي قامت من أجلها الأمم المتحدة، خاصة بعد الأعمال الوحشية، والإبادة الجماعية التي تم ارتكابها في الحرب العالمية الثانية. غير أن مصداقية الأمم المتحدة ضربت في مقتل في المواقف التي تبنتها حيال القضية الفلسطينية، على سبيل المثال، وهي القضية التي لا تزال عصية على الحل، بسبب حق النقض "الفيتو" الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية عند أي قرار يتم طرحه في مجلس الأمن لتسوية هذه القضية، بحكم ما تتمتع به واشنطن من نفوذ.

ولا تبدو الأمم المتحدة في الوقت الحاضر صاحبة قرار قاطع، مانع، بقدر ما صارت الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، هي التي تتحكم في مصير العالم، وتقرر نيابة عنه؛ فيما الشعوب صاحبة الحق تبدو متوارية في حسابات اللاعبين الكبار.

وفي العقود الأخيرة زادت هيمنة، وتأثير قطبين رئيسيين في مجلس الأمن الدولي في صناعة القرارات المتصلة بمصائر الشعوب، وهما الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، فالبلدان استخدما حقهما في إفشال قرارات حاسمة كان من شأنها أن تعالج الكثير من المآسي التي شهدها، ويشهدها العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، لذلك وجدت الشعوب المضطهدة نفسها واقعة بين كماشتي الهيمنة والنفوذ للبلدين، ومعهما بالطبع، بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وإن بدرجة أقل، وتحول العالم بوجود المجلس، إلى مجرد قطع شطرنج تحركها مصالح ومطامع هذه الدول وسياساتها، وبالتالي تم تجريد الأمم المتحدة من مضمونها، وأهدافها الإنسانية التي قامت من أجل تحقيقها، فلم تعد الشعوب تجد النصرة والتأييد من الأمم المتحدة، بعد أن تحولت الأخيرة إلى مؤسسة تستخدمها الدول الكبرى مجرد جسر لتمرير مخططاتها في التوسع والنفوذ والهيمنة.

جريدة الخليج