تحقيقات وحوارات

الأحد - 14 أكتوبر 2018 - الساعة 04:22 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن برس / تقرير خاص

عادت محافظة شبوة النفطية الجنوبية إلى الواجهة مجدداً، خلال الأيام الماضية، عقب تحركات عسكرية مشبوهة من محافظة مأرب نفذتها قوات موالية لجماعة الإخوان باليمن بإتجاه شبوة، بينما ما تزال مناطق في مأرب تحت سيطرة الحوثيين حتى اليوم.

وتحاول تلك القوات الإخوانية التابعة لحزب الإصلاح اليمني في مأرب، تفجير الوضع عسكرياً في محافظة شبوة النفطية التي تمكنت نخبتها المسنودة من التحالف العربي من تطهير الكثير من مناطق المحافظة من عناصر وجماعات متشددة كالقاعدة، فضلاً عن تمكنها من بسط سيطرتها وتأمين كافة المناطق النفطية بالمحافظة.

تحركات إخوانية مشبوهة

تنبهت قوات المقاومة الجنوبية والنخبة الشبوانية وكذلك المجلس الإنتقالي الجنوبي من تلك التحركات المشبوهة التي تسعى من خلالها جماعة الإخوان إلى إعادة سيطرتها على منابع النفط والغاز في محافظة شبوة، في الوقت الذي ما تزال مناطق في محافظة مأرب مثل صرواح وغيرها في قبضة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

ونشر المتحدث الرسمي للمجلس الإنتقالي الجنوبي سالم ثابت العولقي تغريدة على صفحته في تويتر، قال فيها: "على المقاومة الجنوبية بمحافظة شبوة رفع مستوى التأهب والجاهزية وصد تقدم أي قوة عسكرية من محافظة مأرب باتجاه عتق ومديريات شبوة الأخرى ونحمل من دفع بهذه القوات العسكرية للتقدم المسؤولية الكاملة عما سيحدث".

وأستغرب الكثير من الناشطين والمحلليين والمتابعين للشأن اليمني من تلك التحركات العسكرية الإخوانية بمأرب تجاه منابع النفط في محافظة شبوة، بينما كان يفترض أن تتحرك تلك القوات لتحرير ما تبقى من مأرب لاسيما وأن جبهة صرواح لا تزال تراوح موقعها دون تحقيق أي تقدم للقوات الإخوانية المحسوبة على الشرعية منذ أكثر من 3 سنوات.

يقول الكاتب السياسي أحمد الربيزي على صفحته في تويتر: "ميليشيات الإرهاب الإخونجي التابعة لحزب الإصلاح وللجنرال علي محسن تركت حربها الزائفة مع ميليشيات الحوثي، وتحاول حاليا أن تشعل الحروب في مدن الجنوب كشبوة، فضلاً عن قمعها للجماهير الجنوبية الثائرة التي تدافع عن لقمة عيشها والتي تنتفض ضد فشل وفساد حكومة "بن دغر" الفاسدة".

النخبة تعزز تواجدها

وما أن تنبهت المقاومة الجنوبية ونخبتها الشبوانية لتلك التحركات المشبوهة حتى سارعت في تعزيز تواجدها في شبوة ومناطق حدودية مع مأرب، وتمكنت من فرض سيطرتها على معسكر مره الوقع في مديرية نصاب والقريب من بيحان، كما دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة صوب محور بلحاف لصد أي تقدم لميليشيات حزب الإصلاح صوب محافظة شبوة.

ووصل المقدم محمد سالم البوحر قائد النخبة الشبوانية محور عزان إلى مديرية نصاب غرب عاصمة محافظة شبوة عتق على رأس قوات عسكرية ضخمة في عملية استباقية لأي تقدم عسكري شمالي إخواني باتجاه شبوة.

تحركات الإخوان صوب شبوة تم بإيعاز من شخصيات عادت مؤخراً

وهناك من يقول أن دخول قوات عسكرية إخوانية إلى مناطق حدودية بشبوة ومحاولتهم التقدم صوب منابع النفط بالمحافظة يتم بإيعاز ومساعدة من بعض الشخصيات العسكرية العائدة مؤخراً الى محافظة شبوة، فيما يقول آخرون أنه يتم بمساعدة بعض الشخصيات القبلية.

يقول الكاتب والمحلل السياسي الشبواني أحمد عمر بن فريد على صفحته في تويتر: "الذين ساعدوا ميليشيات الحوثي على دخول شبوة في بداية ٢٠١٥ هم عينة، والذين يساعدون اليوم قوات الإخوان لتكرار نفس التجربة عينة مماثلة تماماً، وكما دُحرت قوات الحوثي سيتم بعون الله دحر هذه القوات الغازية أيضاً، وصبرنا على العينتين لن يطول فمن لا يحمي تراب وطنه وأهله لا يجوز التسامح معه".

الإنتقالي يدعو للسيطرة الشعبية على المؤسسات الإيرادية

جاء التحرك الإخواني صوب شبوة عقب أيام من بيان للمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي دعا فيه إلى السيطرة الشعبية على المؤسسات الإيرادية عقب تدهور الأوضاع الإقتصادية والخدمية والمعيشية للمواطنين بسبب ما وصفه بسياسات الإفقار والإذلال والتركيع الذي تمارسه حكومة بن دغر على الجنوبيين.

كما جاء ذلك التحرك الإخواني بعد يوم أيضاً على بسط قوات النخبة الشبوانية سيطرتها كلياً على موانئ تصدير النفط في شبوة ومنع عمليات التهريب والتلاعب والفساد التي كانت تتم من قِبل شخصيات وقيادات إخوانية محسوبة على الشرعية، حيث أكدت مصادر إعلامية حينها أن قوات النخبة الشبوانية تمكنت من السيطرة وتأمين كل من مقر قيادة اللواء الثاني مشاة بحري ومنشأة وميناء النشيمة النفطي ومعسكر شوران وميناء البيضاء.

ويبدو بأن ذلك أثار حفيظة الحزب الإخواني باليمن المتهم بغدره للتحالف العربي وكذا الشرعية، من خلال علاقته المستمرة مع قطر وتحالفه السري مع الميليشيات الحوثية، وجميعها معطيات أثبتثها الوقائع على الأرض عبر مماطلة قوات الإخوان في حسم المعركة مع الحوثيين وتململهم في تحقيق أي إنتصار يحسب للشرعية والتحالف، فضلاً عن ممارساتهم ضد التحالف العربي وتورطهم في زعزعة الأمن بالمحافظات المحررة ومحاربتهم للقوات الجنوبية التي تحارب جنباً إلى جنب التحالف العربي ضد الحوثيين والجماعات المتطرفة.

خناجر غدر شيطانية

يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني مسهور: "اخوان اليمن الذين مزقوا صورة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله لن يكونوا سوى خناجر غدر شيطانية لكل من السعودية وحلفائها، آن الآوان للسعودية والإمارات أن تفتح ملفهم وتحاسبهم على غدرهم وخيانتهم فهم والحوثيين سواء".

وأضاف في تغريدة أخرى على صفحته في تويتر: "ادّعى حزب الإصلاح فك ارتباطه بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين بعد انطلاق عاصفة الحزم من باب (التقية) السياسية، هذا الإدّعاء تخالفه الوقائع على الميدان وموقف حزب الإصلاح من مقاطعة قطر تؤكد ديمومة الارتباط بالتنظيم الدولي كما ثبت ارتباط حركة النهضة في تونس".

قوات النخبة الشبوانية تبدد الحلم الإخواني

كان حزب الإصلاح الإخواني يتمتع بنفوذ واسعة في المناطق النفطية بمحافظة شبوة منذ سنوات طويلة نفذ خلالها أبشع صور التهريب والفساد للمشتقات النفطية والغازية، إلا أن ذلك النفوذ بدأ بالتضاؤل والإنحسار تدريجياً مع تنامي قوات المقاومة الجنوبية التي إنبثقت عنها قوات النخبة الشبوانية وهي التي ساهم التحالف العربي وتحديداً دولة الإمارات العربية المتحدة في تأهيل وتدريب وإنشاء تلك القوة الأمنية والعسكرية المحلية من أبناء ذات المحافظة في إطار تثبيت الأمن والإستقرار ومكافحة الإرهاب في شبوة.

وحققت قوات النخبة الشبوانية خلال فترة وجيزة إنتصارات كبيرة في المحافظة التي تعتبر أحد أهم بؤر إنتشار الجماعات المتطرفة باليمن، ونفذت النخبة الشبوانية عمليات عسكرية أطلق عليها اسم "السيف الحاسم" على مناطق عديدة في شبوة مثل عزان وحوطة شبوة والصعيد ووادي يشبم وحبان والروضة ورضوم والمصينعة ووادي رفض وغيرها من المناطق.

وقبل أسابيع سيطرت قوات النخبة الشبوانية على معسكرين تدريبين لتنظيم القاعدة في منطقتي معذيفه وجاران بمديرية مرخة وتمكنت من قتل 7 من قيادات وعناصر تنظيم القاعدة بينهم قيادي بارز، فيما استشهد ثلاثة من خيرة قوات النخبة.

ويبدو بأن التحالف العربي أوكل مهمة تأمين حقول النفط وخطوط نقل الغاز والنفط لقوات النخبة الشبوانية بعد أن تعرضت لهجمات متكررة وعمليات تفجير من قِبل مسلحي تنظيم القاعدة، فضلاً عن عمليات التهريب والفساد والتلاعب التي تنفذها شخصيات محسوبة على جماعة الإخوان باليمن والتي كانت فيما يبدو أنها تستخدم الجماعات المتطرفة كحماية لها في منابع النفط بشبوة، وإنكشفت مؤخراً عقب تطهير الكثير من مناطق شبوة من مسلحي القاعدة.

واقع جديد لم يستوعبه البعض

يقول الكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور حسين لقور: "شبوة بين جيلين.. جيل يشيد موقع شبوة الجديد ومالها من أهمية جيوسياسية واقتصادية مقدماً أرواح شبابها في تثبيت مكانة شبوة وإسقاط الصورة النمطية عنها.. وجيل عاث فساداً ومارس التدمير والخراب ليصبح وكيلاً للآخرين ويعيش على الفتات بعد أن اقنعهم أنه الوكيل الحصري لشبوة.. اليوم تسقط هذه الصورة".

وأضاف في تغريدة على صفحته في تويتر: "سيكون الجنوبيين على موعد مع الحسم قريباً في قضيتين أساسيتين: الأولى: قضية السيطرة على كل الموارد الجنوبية وتسخيرها لصالح شعب الجنوب.. والثانية: قضية الهوية والتي لم يعد الوقوف منها في المنطقة الرمادية ممكناً بل يجب حسمها وقطع الطريق على مبشري اليمننة وإعلانها صراحة أننا الجنوب العربي".

وفي تغريدة أخرى أوضح لقور: "الواقع الجديد الذي أفرزته هذه الحرب لم يستوعبه البعض.. ما حققه الجنوبيون بفضل من الله ومقاومتهم ودعم الأشقاء في التحالف من مكاسب على الأرض لا يمكن لهم أن يقدموها هدية مرة أخرى للنظام اليمني.. كانت هناك اعتبارات بعد التحرير خاصة للرئيس عبدربه منصور هادي لكنه لم يتعامل معها ولم يحسن استخدامها".

سياسات إخوانية خبيثة

ولم تكن التحركات العسكرية الإخوانية صوب شبوة، هي الأولى من نوعها، فمنذ تحرير المحافظات الجنوبية في العام 2015 من الميليشيات الحوثية الإنقلابية المدعومة من إيران، حاول الإخوان إستغلال الفرصة والوضع الهش آنذاك، لإحكام سيطرته على عدن وبعض المحافظات المجاورة، من خلال سلسلة من التفجيرات والإغتيالات ونشر الفوضى والتوتر في تلك المدن، لكن يبدو بأن التحالف العربي تنبه لذلك سريعاً ونفذ بمساندة قوات أمنية محلية مدربة عمليات تطهير واسعة شملت عدن ولحج وأبين وشبوة ووصلت إلى ساحل حضرموت ما بين العامين 2015 و 2017.

بالمقابل، لم يتوقف ذلك التنظيم أو الجماعة المصنفة عالمياً بالإرهابية، وعمل على تغيير سياساته وتأجيل بعض أهدافه، مقابل التوسع في محافظات ومناطق لم تدخلها قوات عسكرية للتحالف العربي كأرخبيل سقطرى والمهرة ومدن وادي حضرموت وأخيراً في شبوة، فضلاً عن تواجده بكثافة في أجزاء من تعز وإحكام سيطرته كلياً على مأرب.

وتكشف الأحداث التي شهدتها تلك المحافظات مؤخراً من توترات وفوضى، عن خطورة مخططات ومساعي إخوان اليمن بدعم وتمويل دول إقليمية، لتحقيق أهداف عدة لعل أهمها بسط النفوذ الإخواني على المناطق اليمنية وخاصة النفطية منها مع إستغلال الأوضاع الراهنة، فضلاً عن تشتيت جهود التحالف العربي والقوات اليمنية الذين يقاتلون في جبهات مشتعلة ضد الميليشيات الحوثية في الساحل الغربي ومحافظة صعدة معقل الحوثيين.