تحقيقات وحوارات

السبت - 20 أكتوبر 2018 - الساعة 05:40 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن برس / تقرير خاص

المخدِّرات هي تلك المواد المنوّمة والمسكّنة التي تسبب ضرراً للجهاز العصبيّ بحيث يحظر تداولها أو زراعتها أو وصفها، وذلك بسبب أضرارها الهائلة على جسم الإنسان وآثارها السلبية عليه من ناحية نفسية واجتماعية وجسمانية، لقد شهدت العاصمة عدن هجوماً خطيراً من قِبل هذه الآفة ومروجيها واستهدفت الشباب بفئاته المتعددة ومن مختلف الشرائح، وهناك أنواع مختلفة لهذه الآفة ومنها المورفين المستخلص من الأفيون، والهيروين المشتق من المورفين والذي يعد أقوى منه، وأقراص الهلوسة.

إن للمخدِّرات آثار سلبية كبيرة على الشخص الذي يدمن عليها وعلى أسرته ومجتمعه، فهناك الآثار النفسية كالاكتئاب والتوتر واحتمالية الإصابة بمرض انفصام الشخصية، والعصبية المفرطة والعدوانية تجاه الآخرين.

كما أن لها آثار أسرية واجتماعية كتفكك الأسرة الذي يؤدي إلى الطلاق وتشرد الأبناء، وعزلة الاجتماعية للمدمن بحيث لا يشارك في الحياة الاجتماعية، وتعلم السلوكيات السيئة مثل الكذب والسرقة وارتكاب الجرائم.

أما عن الآثار الصحية فهي وخيمة ومتمثلة في الضعف العام للجسم، انخفاض مناعة الإنسان تجاه الأمراض، والشعور بالصداع المزمن، واحمرار العيون، وتلف الكبد والإصابة بالسرطان وحدوث خلل في إفراز الهرمونات الجنسية، والتهاب رئوي مزمن واضطرابات في الجهاز الهضمي.

واستطلع "عدن برس" بعض الآراء حول هذه الآفة التي بدأت تنهش في النسيج المجتمعي .. وهذه هي الحصيلة:

صلاح حسين عامل قطاع خاص سألناه عن ما يعرفه حول المخدرات وانتشارها في عدن على وجه الخصوص، فرد قائلاً: كنا نسمع عنها في الأفلام فقط لكن بعد حرب 2015 انتشرت الحبوب المخدرة بشكل كبير جداً ليس بين الشباب فقط بل حتى البالغين والأخطر أن الأمر تطور ليصبح الآن إدمان على شرب سيجارة الحشيش وأنواع أخرى من الحبوب المخدرة، ولكن لم نسمع حتى اليوم عن حملات مداهمة لمثل هذه الأوكار التي تقتل المجتمع.

كما قال مراد هيثم شاب يعمل سائق حافلة وكررنا له نفس السؤال وجاء رده على النحو الآتي: كنا نسمع عنها في الأفلام العربي والغربي لكن الآن الشباب تشوفهم مخزنين في أركان الأحياء الشعبية وهم مساطيل من الحبوب أو الحشيش وهذه مصيبة علينا وتنجم عنها مشاكل ليس لها أول ولا آخر.

وفي أحد الشوارع شاهدنا أحد الأشخاص يتعاطى القات في ركن شبه مظلم اقتربنا منه لنسأله عن اسم محل في هذه المنطقة لنكتشف أنه غير واعي فرغم ملبسه النظيف والأنيق إلا أنه وعلى ما يبدو من المتعاطين للحبوب المخدرة بسبب تلكئه في الكلام وكلامه غير الواضح ( لسانه ثقيل جداً )، وتابع السير مبتعدين عنه وإذا بإحدى النساء تقول ما لكم منه هذا محبب (أي يتعاطى الحبوب) ولا يعلم بالدنيا أين.

فبادرنا بسؤالها وكيف عرفتي أنه محبب أي يتعاطى الحبوب؟

فقالت: هذا ساكن عندنا بالحي ولو ترون كيف أهله محترمين لكن منهم لله من علموه الحبوب.

سألناها: وأهله كيف يعملوا معه؟

قالت: والده كبير بالسن ووالدته تعاني من أمراض السكر والضغط وهو أكبر أبنائهم ولديهم أيضاً ابنتين واحدة أكبر منه والثانية أصغر منه، وتركتنا وذعبت وهي تقول حسبي الله ونعم الوكيل على كل من كان السبب.

الأستاذ فضل عبده تربوي سألناه عن المخدرات وانتشارها وما السبب؟

رد قائلاً: انتشارها ازداد بعد حرب 2015 ولا نعلم من ورائها لكن الأهم دور الأسر (الأم والأب) أن ينتبهوا لأولادهم من رفقاء السوء حتى لا يقعوا فريسة سهلة للإدمان، فعلى الأب أن لا يسمح لولده بالبقاء خارج المنزل لفترات طويلة جداً تصل إلى ما بعد منتصف الليل ومعرفة من يجلس معهم وسلوكهم، أما الأم فعليها مراقبة سلوك ابنها في البيت إن كان كثير النوم والعصبية وإذا كان لسانه ثقيل، هذا أضعف الإيمان.

لكن السبب وراء انتشارها هو ضعف الجهات المعنية التي بات جهدها مشتتاً بصورة واضحة وكلنا على علم بحوادث قتل حدثت بسبب الحبوب والمخدرات وكلها كانت مآسي لعدد من الأسر، بسبب إدمان ابنها إضافة إلى عدم وجود ردع حاسم من قبل الأجهزة الأمنية وهذا أتاح فرصة لمروجي المخدرات بنشرها بهذه الصورة المهولة.

أما الأخت مروى ناجي وهي موظفة أشعرتنا من خلال كلامها أن هناك خطأ ويجب أن يتم إصلاحه، فقالت: أعتقد أن الصراعات السياسية إضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد خلقت في مجملها في نفس أغلب الناس حالة من الإحباط والشعور بعدم وجود أي فرص لإيجاد عمل لأغلب الشباب سواءً الخريجين الأكاديميين أو غيرهم، وكل ما زادت الأمور و الأوضاع سوءً يبدأ بعض رفقاء السوء بالترويج للحبوب والحشيش بصورة كبيرة ويعتمدون مبدأ الزن على الأذون، وأن الحبوب بتنسيك همك وبتعيش فترة في حالة من السكينة وتخفف من حالة التفكير والتفسير، وهنا نجد بعض ضعفاء النفوس من الشباب ينساقون وراء المروجين الذين يبدأون أولاً بتوزيع الحبوب وسجائر الحشيش مجاناً ثم تبدأ عملية الابتزاز من خلال منع الحبوب أو الحشيش عن المدمن حتى يشتريها بفلوس وأن ينفذ أمراً ما للمروج وهنا تكمن المصيبة الجلل.

وتابعت: حتى وان وقفت الأسرة بالمرصاد ومراقبة أبنائها وبالذات الذكور منهم فان هذا ليس حلاً، فالرقابة تبدأ من الأجهزة الأمنية التي يجب أن يتم تفعيلها وبالذات الأقسام الخاصة بمكافحة المخدرات ورصدها، فلا يكفي أن تقوم هذه الأجهزة بحملة أو اثنين بين الحين والآخر لتضبط منزل فيه مخدرات أو شخص يبيع المخدرات المفروض أن يتم التشديد على المنافذ البرية والبحرية وحتى المطار بالتفتيش السليم والدقيق، ومن المفترض أن تقوم الأجهزة الأمنية وكذا القضاء بتنفيذ أقصى عقوبة على من يهربون المخدرات والحبوب والحشيش حتى يكونوا عبرة لا أن يعلنوا أنهم قبضوا على فلان يبيع أو ضبطوا منزل فيه مخدرات وانتهى الأمر.

خلاصة القول إن هذه الآفة لم تدخل إلى المجتمع وتحديداً إلى المحافظات المحررة إلا بفعل فاعل أراد أن يدمر المجتمع ويجعله يعيش حالة من الفوضى والضياع المستديم وأن هناك من يتساهل في عدم الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه تدمير الشباب والمجتمع على حد سواء وتفشي وازدياد معدل وقوع الجريمة واستغلال هذه الحالة ليغرس خنجرا في المجتمع يصعب نزعه.

ولكن على ذوي الاختصاص أن يقوموا بواجبهم ويؤدون الأمانة الملقاة على عاتقهم للحفاظ على النسيج المجتمعي خالي من العلل التي لن تبقي ولن تذر.