كتابات وآراء


الأربعاء - 05 يونيو 2019 - الساعة 10:01 ص

كُتب بواسطة : لطفي شطارة - ارشيف الكاتب


قبل يومين قرأت مقالا مطولا في صحيفة نيويورك تايمز حول الرجل المؤثر والقوي في أمريكا، ورغم أن كاتب المقال حاول من خلال المعلومات التي أوردها التشويش على شخصية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب حاكم أبوظبي، الا انه زاد من إعجابي بشخصية الشيخ محمد بن زايد الذي أستطاع بحنكة سياسية أن يكون أول قائد عربي وخليجي يبني علاقات لبلاده في أمريكا والغرب وفقا للعبة السياسة التي يعرفها الغرب "المصالح المتبادلة"، فنسج الشيخ محمد بن زايد منذ بداية التسعينات علاقات محكمة مع أمريكا والغرب، فإذا كان والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه حكيما في التوافق مع حكام الامارات لتثبيت وبناء الدولة، فإن نجله محمد الذي تخرج من الكلية العسكرية البريطانية سانت هيرست، عمل على تحصين هذه الدولة وبناء مؤسساتها العسكرية والاقتصادية لتكون شريكة لا تابعة للتقلبات السياسية في أمريكا ودول أوروبا، فكانت استراتيجية الشيخ محمد بن زايد التي رسمها لبلاده ان يحميها بقوة مالها وبناء اقتصادها والاستثمار في ابنائها .. استفاد الشيخ محمد بن زايد من حكمة والده وتجربة حياته العسكرية في مؤسسة بناء القادة في بريطانيا، فأستطاع بحكمه من نسج علاقات واسعة عبر لوبي مؤثر داخل المؤسسات السياسية والعسكرية الأمريكية والغربية مكنته من بناء مؤسسة عسكرية حديثة، وتأمين مصالح بلاده الاقتصادية، وجعل من المؤسسة العسكرية المنضبطة والمؤهلات، قوة مشاركة في كوسوفو وأفغانستان ومحاربة القراصنة الصوماليين في القرن الأفريقي وقطع يد المشروع الفارسي في اليمن، وتأمين خطوط الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر، واجتثاث تنظيم القاعدة في كل محافظات الجنوب بعد تحريره من منظومة الحكم في الشمال.

ولبراعة الرجل الصامت كما يلقب عند كثيرين من الاعلاميين الغربيين، فان اللوبي الذي عمل على بنائه لأكثر من عقدين من الزمن، يضم كبار السياسيين والدبلوماسيين ووزراء دفاع سابقين، نسج هذه العلاقات عبر سنوات من العمل بصمت وبعيد عن الضجيج الاعلامي الذي يحيط بكثير من الزعماء العرب، حتى أصبح الرجل مؤثرا داخل أمريكا وأوروبا، فكما تصفه الصحيفة الأمريكية Dawn to earth بانه في "قمة التواضع" ولكن بذكاء وخطوات مدروسة، هي التي جعلت كبار السياسيين الغربيين أن يكونوا أصدقاء شخصيين لولي عهد أبوظبي امثال توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولاس ساركوزي ووزير الدفاع الأمريكي السابق ماتياس.

جسد الشيخ محمد بن زايد نموذجا رائعا للسياسي الذي يحيط نفسه بنخبة من المفكرين السياسيين والمستشارين المتمرسين والنخب المجربة من القادة الغربيين، ومنها يرسم مستقبل بلاده ويسير بها بكل ثقة وأمان في ظل كثير من العواصف التي جرفت بدول وقادتها في المنطقة العربية.. تجربة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تجعلك تقف بفخر أمام أول قائد عربي لم يصبح قويا في بلده والعالم العربي فحسب، بل أصبح الرجل القوي والمؤثر عن بُعد داخل أمريكا نفسها.