كتابات وآراء


الأربعاء - 05 يناير 2022 - الساعة 03:38 م

كُتب بواسطة : علي المقري - ارشيف الكاتب


لم يكن يوجد أيّ تنبيه في تلفوني سواه. التنبيه المحدّد في التاسعة والنصف من مساء كلّ يوم سبت. قبلها كانت مواعيدي معه مختلفة، وعلى الأرجح كانت في ظهيرة كلّ يوم جمعة، إنّه الموعد الأسبوعي المحدد للاستماع إلى صوت أحمد عمر بن سلمان وبرنامجه "العلم والإنسان" من إذاعة عدن.

مرّت سنوات لم أكن فيها أسمع الصوت الشجي والجميل، ربّما كنت في أماكن أخرى أو بلا راديو، لكنَّ صوته ظل معي على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، فهو مثقف كبير في العلوم والحياة والأدب، ويقّدم برنامجه، منذ أغسطس 1965، بأسلوب شيّق ونادر لا مثيل له، في وقت كان الحصول على المعلومات مازال شاقاً، إذ أنّه حين كان يتحدّث، مثلاً، عن الكبد أو العيون، من منظور علمي فإنّه كان يذهب إلى ذكر ما ورد عنهما في الأساطير والأدب.

وبقي صوت الأستاذ والمعلّم الكبير بن سلمان في الإذاعة أكثر من ستين عاماً، وكان قد قدّم برنامجاً آخر بعنوان "كلمتين"، كما أنّه كان يشرح الأمثال العدنية، في البرنامج الإنجليزي المذاع مساء كلّ يوم من إذاعة عدن.

ولم أر بن سلمان سوى مرّة واحدة. كان ذلك في إحدى نهارات نوفمبر1988. حين فوجئت وأنا أنزل من مقر صحيفة 14 أكتوبر بالمعلا، بالصديقين جلال أحمد سعيد ومعروف حداد يقدمان إليّ شخصاً شديد السمرة ونحيلاً، ويقولان: أحمد عمر بن سلمان، ولكم كانت سعادتي برؤيته وأنا المستمع الدائم إليه، القادم يومها من الشمال اليمني، وقد بقيت لسنوات أتشوق لرؤيته. وتساءلت وقتها: كيف يكون هذا الصوت بيننا ولا أحد يراه؟

لتنم روحك بسلام.