كتابات وآراء


الخميس - 04 مايو 2023 - الساعة 04:57 م

كُتب بواسطة : مهجة أحمد - ارشيف الكاتب


نلمس جميعاً، كيف يعامل الطفل المعاق في محيط الأسرة ومجتمعه، وبغض النظر عن نوعية الإعاقة وإمكانية معالجتها مبكرا إلا أن كثيرا من الأسر اليمنية تتعامل مع مثل هؤلاء الأطفال بإعتبار أن هذا الأمر يجب تقبله كما هو بدون محاولة بذل القليل من الجهد في تنمية القدرات العقلية لمثل هؤلاء الأطفال ومساعدتهم في تخطي العديد من العقبات التي قد تواجههم مع تقدم أعمارهم،إضافة لذلك فهناك الكثير من الأسر للأسف تكتشف إعاقة أطفالها متأخرا مما يجعل أمر تداركه صعباًوأعتقد أنه بقليل من التوعية في هذا الجانب سوف نتخطى عقدة الطفل المعاق والبدء في التعامل معه بالصورة الملائمة بدلا من أعتباره متخلف وعالة امام الاسرة ومجتمعه،ونحن في هذا الصدد بحاجه الى تسليط الضوء على الكثير من المفاهيم الخاطئة وكيفية تقويمها.

يواجه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة "أصحاب الهمم" لاسيما من الاعاقات غير المرئية مثل التوحد، وصعوبات التعلم، مثل عسر القراءة،صعوبات كبيرة زادت شدتها خلال الظروف الراهنة والاوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد، وشكلت عائقاً تواجه هذه الفئة في ممارسة بعض حقوقها في ارتياد المدارس العامة، وذلك بسبب صعوبة الإدماج، وعدم توفر البيئة المدرسية اللازمة لاستقبالهم،ناهيك عن جملة مشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية ،جعلت منهم يعيشون مأزق كبير من عدم الفهم والادراك لاحتياجات هذه الفئة، وأن اليمن من الدول القليلة التي لم تطور بعد منظومتها التعليمية لتكييف طرق تدريسها لمراعاة حالة الأطفال الذين يعانون من اعاقات وصعوبات التعلم، هنا تأتي أهمية ان يحظى موضوع واقع تعليم ذوي الإعاقة جل الاهتمام والمناقشة المستفيضة حول كيفية معالجة التحديات والمشاكل التي تواجههم سواء المقدمة من الافراد او المؤسسات ذات الصلة .

وقد تناول المركز اليمني للسياسات من خلال تقرير صادر عنه بعنوان" إعادة تصميم نظام تعليمي مستوعب للأطفال ذوي الإعاقة في اليمن" والذي حصر التقرير في دائرة حديثه بتسليط الضوء على بُعد محدد من أبعاد التعليم في سياق اليمن الذي مزقته الحرب،مثل الإعاقات غير المرئية وصعوبات التعلُّم وأهمية الدمج التأسيسي في سياق إعادة الإعمار بعد النزاع، والتاكيد ان اليمن يحتاج في مرحلة ما بعد النزاع إلى معالجة الصدمات والتحديات والوصمات الاجتماعية المتعلقة بالصحة العقلية والإعاقات في التعليم، وخاصة الإعاقات التي نادرا ما يُعترف بها ثقافياً أو مؤسسياً وجعل تضمين الدمج في نظام التعليم اليمني، الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج تعليمية ومجتمعية إيجابية قصيرة وطويلة الأجل، يجب أن يكون في صميم السياسة التعليمية لِمَا بعد النزاع من أجل سلام مستدام وعادل.

وطالب التقرير المعد من المركز في شهر مارس العام الجاري،ضرورة وضع تصور لخطة انتقالية لمرحلة ما بعد النزاع،وأن يلعب إصلاح التعليم في مرحلة إعادة الإعمار بعد النزاع دوراً إيجابياً في خلق مجتمع أكثر إنصافًا، يستحق جميع الأطفال أن يكون لهم مكان في المدرسة، لكن الأطفال ذوي الإعاقة، سواء كانت ظاهرة أو مرئية بدرجة أقل، سيحتاجون إلى قدر أكبر من الدعم الذي يجب تضمينه في عملية إعادة الإعمار وتخصيص المزيد من الموارد ليس فقط لإعادة الإعمار المادي لضمان تسهيل الوصول إلى الخدمات، ولكن أيضاً تحسين تدريب المعلمين والمناهج الدراسية لخلق بيئة من شأنها تعزيز الدمج، وتخصيص الموارد اللازمة للتعليم المدمج إلى الاعتراف بأن الأطفال ذوي الإعاقة وصعوبات التعلم لهم الحق في التعليم ،كما أن لهم قيمة أيضا داخل المجتمعات التي يعيشون فيها.

ويرى كذلك تقرير المركز اليمني للسياسات،أن أصحاب المصلحة شددوا على أهمية زيادة جهود جمع البيانات والتصنيف حسب الجنس والعمر والموقع والإعاقة والحالة الاجتماعية والاقتصادية، ودعم أصحاب المصلحة المحليين في الجهود المبذولة لتحديد الحالات وتسجيلها وتحديدها باستخدام طرق الفحص المناسبة التي تشمل الإعاقات غير المرئية، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً للدعوة بشكلٍ فعالٍ إلى التغيير، ولإظهار مدى إلحاح المشكلة،معتبرين إحدى طرق دعم جمع البيانات يتمثل بإنشاء منتدى قوي للمعلمين والمتخصصين والعاملين في مجال الرعاية الصحية والعاملين في المنظمات غير الحكومية المحلية والعاملين في منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم ،وأن يُكلَّف هذا المنتدى بإجراء مسحٍ شاملٍ لفهم التدخلات التي تعمل وتلك التي لا تعمل والتحديات الفريدة التي يواجهها الأطفال الذين يعانون أنواعاً مختلفة من الإعاقات والصعوبات، ونوع الإصلاح التعليمي الضروري لتعزيز الدمج. ويمكن أن تساعد نتائج هذا المنتدى في إعلام المسؤولين الحكوميين وصانعي السياسات والمنظمات الدولية غير الحكومية بنوع الإصلاح التعليمي المطلوب.

اذ يجب علينا الوعي، إن الاعاقة قضية مجتمع وشراكة، يجب علينا سوياً ايجاد حلول ممكنة لها وان نعمل على تمكين شريحة المعاقين وإدماجهم في التعليم وإشراكهم في التنمية وكذلك في القضايا الوطنية وبناء السلام الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية،وذلك من الاهتمام بهم وتقبلهم وتعليمهم وإعداد البيئة الملائمة لهم ليندمجوا مجتمعياً وتعليمياً وتوفير الإمكانات اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة من مختلف انواع الإعاقة لمواكبة حياة طبيعية مستقلة في المجتمع.