السبت - 18 يوليه 2020 - الساعة 09:18 م
حضرموت كانت وستبقى ذلك المركب الفريد الذي أمتزج وأختلط فيه أجمل وأعظم عناصر ومقومات الحضارة الإنسانية؛ الذي أجتمع في وعاء بديع واحد؛ جعل من الإنسان والتاريخ والجغرافيا مكوناً حياً لا يقبل الخمول أو الإنكسار مهما أعترته من لحظات للوهن المؤقت أو الإنتظار في ساحات التوثب والنهوض المتجدد؛ وهي لكل ذلك لا تشبه غير نفسها؛ كيف لا وهي التي أنتصرت عبر مراحل التاريخ المختلفة لدورها الريادي وعلى مختلف المسارات والميادين؛ وجعلت من نفسها نموذجاً يحتذى به؛ ومنبعا للعطاء والنور والتنوير تجاوز حدود الجنوب الحضرمي التاريخي؛ إلى المحيط الجغرافي الأبعد وصولاً إلى مناطق وقارات بعيدة؛ ومازالت الشواهد على حضورها الفاعل كثيرة؛ وعلى قدرتها الإستثنائية على التفاعل الواعي مع المتغيرات المختلفة ومواكبة التطورات العديدة؛ دون أن تذوب فيها أو تفقد خصوصياتها الحضارية والثقافية؛ أو تغير من عاداتها وتقاليدها وموروثاتها الإيجابية المتسمة بالبساطة والتسامح والوسطية والتعايش والإنفتاح على الآخر وبشكل مثير للإعجاب !
واليوم حين أحتشدت جماهير حضرموت بمدينة المكلا عروس بحر العرب في مليونية كبرى غير مسبوقة في تاريخ حضرموت ؛ دعا لها المجلس الإنتقالي الجنوبي والداعمة أيضاً للإدارة الذاتية للجنوب التي أعلن عنها قبل أكثر من شهرين؛ وعلى ذلك النحو الرائع والباعث على الأمل والفرحة والسرور في نفوس كل أبناء الجنوب الذين يعشقون الحرية ويتوقون لمعانقة غدهم الأفضل والأجمل؛ ورفضا في نفس الوقت لحرب الخدمات وإستغلال ونهب ثرواتها؛ وتعبيرا كذلك عن مقاومتها المتعددة الأشكال لتواجد مليشيات حزب الإخونج الإرهابي في وادي وصحراء حضرموت وفي غيرها من مناطق الجنوب؛ إنما هي بذلك تجسد مكانها ومكانتها ودورها الوطني في هذه المرحلة التاريخية المفصلية؛ ولتسمع صوتها أيضا بأنها جنوبية الهوى والهوية؛ بل إنها عنوان الجنوب القادم ورافعته التاريخية الآمنة والمؤتمنة على حاضره ومستقبله؛ مهما حاول العابثون والطارئون على تاريخها النيل منها أو تشويه وحرف مسارها كما يتوهمون؛ وستسقط وبجدارة فعلها كل مشاريع المال السياسي المتعدد المصادر والأهداف !.