الأحد - 09 فبراير 2025 - الساعة 08:55 م
أيام دولة الجنوب لم يكن للفساد وجود لعدم وجود البيئة الحاضنة له من الأساس، بل لم يكن هناك من كان يفكّر به لعلمه أن اليد التي ستمتد إلى المال العام سيتم قطعها، جندي كان يعمل في أحد المعسكرات موقع عمله مستودع المواد الغذائية سوَّلت له نفسه وأخذ صفيحة سمن، تم القبض عليه في بوابة المعسكر والتحقيق معه وإحالته للقضاء العسكري وصدر الحكم عليه بالإعدام ليس لجسامة الفعل ولكن عبرة للآخرين، كان ذلك في عهد الرئيس سالم ربيع علي سالمين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
لقد كانت سلطة صنعاء غارقة في الفساد، قال عبدالقادر باجمَّال وكان حينها رئيساً لوزراء حكومة الشمال: من لم يغتني في عهد علي عبدالله صالح لا يمكن له أن يغتني طوال حياته. عند دخول الجنوب وحدة الخديعة والاستدراج عام ١٩٩٠م وطلوع الجنوبيين من عدن إلى صنعاء لاحظوا الفساد وثراء الفاسدين! ومن نتائج حرب صيف عام ١٩٩٤م الظالمة أن القادمين من الهضبة أثناء اجتياح الجنوب مارسوا الفيد والفساد بكل أشكاله وأنواعه وصوره: دمَّروا مؤسسات الدولة الجنوبية ومرافقها ونهبوا ممتلكاتها -استولوا على المباني العامة والخاصة- سيطروا على مساحات الأراضي الزراعية والبيضاء بالكيلو متر ومساحات احرام القرى وعلى المتنفسات وملاعب الأطفال -ردموا امتدادات البحر إلى الشواطئ ومتنفساته- قظموا الجبال ومارسوا في كل ذلك تجارة البيع والشراء وبناء الفلل والعمارات بل ودمّروا كل ما هو جميل والأخلاقيات كذلك وتقاسموا البَر وثرواته والبحر وأسماكه وأحياءه ولم يبقى سوى الهواء لم يستطيعوا عليه!، لقد صار كل ذلك وهو "بيت القصيد" إرثاً لمن تناسل منهم وعدوى ربما تكون قد وصَلَت إلى بعضاً من أبناء الجلدة الجنوبية.
لقد عمّ الفساد البلاد وابتلع حقوق العباد وانتشر في كل المرافق والأجهزة والمؤسسات وحيث يَمَمْت ما أظهرته تقارير مراجعة الجهاز المركزي لحسابات بعض المرافق والمؤسسات من فسادٍ مذهلاً ووجود عبثاً فادحاً بالمال العام في مشروع وهمي لمصافي عدن ولم تكن بحاجة إليه المقدّم إلى مجلس القيادة الرئاسي وما حدث ويحدث في نفط وغاز حضرموت وشبوة أُنموذجاً.
لقد هلّت أنوار ربيع الجنوب في مكافحة واستئصال الفساد من حضرموت بعد أن بلغ الزبى وأنتج: فقر مدقع وجوع مفزع وظلام مخيف وأمراض مميتة الدولار يرتفع والعملة المحلية تنهار والأسعار تزداد اشتعالاً وبصورة مضطردة وغير مسبوقة تكاد تكون يومية والخدمات العامة والأساسية تتردّى ومن سيء إلى أسوَء والمرتبات تتأخر وفي الغالب تترحَّل من شهر إلى آخر على تدنِّيها، راتب الموظف والجندي ستون ألف ريال ماذا عساها تفعل؟!، أثقلوا كاهل حياة الناس وضاعفوا من حجم معاناتهم وزادوا صبّوا الزيت على النار برفع أسعار الوقود وغاز الطبخ وأسعار الكهرباء متزامناً مع انقطاع الكهرباء والماء وخروج محطات التوليد عن الخدمة بسبب نفاذ الديزل!
وفي مواجهة كل تلك المعاناة وتمسكاً بالحق الوجودي حق الحياة الحرة والعيش الكريم هلَّ ربيع انطلاق ثورة الجياع من عدن الجريحة بكل مديريّاتها، وسيتواصل ربيع مكافحة واستئصال الفساد وثورة الجياع في بقية محافظات الجنوب، الهم واحد والمعاناة واحدة...
مع اهمية وضرورة الحفاظ علئ سلمية الاحتجاجات وعدم ترك الفرصة لقوى الاعداء ومن في فلكهم من المتربصين تحويلها والانحناء بها لاغراض عدائية لشعب الجنوب وحقه في استعادة دولته كاملة الحرية والسيادة والاستقلال.