السبت - 07 ديسمبر 2024 - الساعة 09:37 م
انفصل النظام السوري عن شعبه، وانفصل عن الجيش الوطني الذي يحمي الدولة، وجر سوريا إلى خارج الخيمة العربية، وسلم قراره السيادي لايران التي اتخذت من سوريا محطة لادارة مشروعها التوسعي في المنطقة . أما أمر حمايته فقد سلمه للحرس الثوري الايراني ولروسيا وللأجهزة الامنية التي راحت تعزله عن الواقع السياسي والاجتماعي، وتفرض عليه خيارات تتناقض موضوعياً مع حاجة البلاد إلى اصلاحات سياسية شاملة، وتفاهمات تأخذ بعين الاعتبار الألغام الضخمة التي اخذت تتفجر بصواعق طائفية وعرقية وأيديولوجية ليس في وجه النظام فحسب، ولكن في وجه الدولة السورية بعد أن تم سحبها من محيطها العربي ليتقرر مصيرها على أيدي قوى إقليمية ودولية، كما يحدث اليوم في اجتماع الدوحة.
أما انفصال النظام عن شعبه فقد ظهر جلياً في الاهازيج التي يستقبل بها الناس الفصائل المسلحة التي اجتاحت محافظات سوريا دون أن يسألوا عن أصلها، أو هويتها، أو تركيبتها، أو أيديولوجيتها، لأنهم باتوا يعتقدون أنه لا يوجد أسوأ من نظام سلم أمر حكمهم للحرس الثوري الايراني، ومرّغ عروبة سوريا في التراب . هذا الشعور ذاته عند السوريين لا بد أن تأخذه تركيا أيضاً بعين الاعتبار وهي تصوغ خطابها السياسي ورؤيتها تجاه الاحداث في سوريا . فسوريا عربية، وأرضها عربية، ومصيرها عربي .
انفصل عن الجيش، وأخذ يعيد بناء معادلات قوته بمعزل عن الوظيفة الوطنية المعروفة تاريخياً للجيش السوري، وحينما جاء الوقت، الذي أحاطت به المخاطر من كل جانب، أخذ الجيش الموقف الذي كان يتعين عليه أن يأخذه، وهو رفض الانخراط في حمام الدم، والتمسك بوظيفته في الحفاظ على الدولة السورية وحمايتها من الانهيار، وتأهيل نفسه كمؤسسة وطنية للدفاع عن الدولة ورعاية المسار السياسي للحل حتى لا يتكرر ما حدث في العراق .. هكذا يبدو المشهد .
تحرك الايرانيون دبلوماسياً لانقاذ استثمارهم العسكري والسياسي في سوريا، الحلقة الرابطة بين كل حلقات المشروع الايراني الذي يطلقون عليه "محور المقاومة"، واقتصرت حركتهم كما شهد العالم على اتصالات ولقاءات روتينية مع أطراف مختلفة، مما يدل على أن كل ما كان يسوق من علاقات استراتيجية إنما كان لتغطية الوظيفة الحقيقية لهذا المشروع الذي يعمل في اتجاه واحد وهو خدمة المصالح الايرانية، وحينما يتعذر على أي طرف فيه القيام بمهمته في هذا المشروع يتم خلعه والتخلي عنه .
ترى هل وصلت الرسالة إلى الحوثي ؟!!! وهل آن له أن يفكر في تجنيب اليمن المزيد من جولات الدم والدمار، ويحتكم إلى المنطق الذي يقضي بأن استقرار أي بلد لا يقوم على الغلبة التي يؤمنها الأجنبي، ذلك أن حسابات هذا الأجنبي تقاس بمصالحه قبل أي شيء آخر.